للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إنْ كَانَ عَلَى ضَرْبِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ كَالْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ وَقَدْ عُرِفَ حُكْمُهَا فِي مَوْضِعِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى ضَرْبِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كَالْمَنْقُوشِ عَلَيْهِ الصَّنَمُ فَفِيهِ الْخُمُسُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِمَا بَيَّنَّا ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ فَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْوَاجِدِ؛ لِأَنَّهُ تَمَّ الْإِحْرَازُ مِنْهُ إذْ لَا عِلْمَ بِهِ لِلْغَانِمِينَ فَيَخْتَصُّ هُوَ بِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ، فَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِتَمَامِ الْحِيَازَةِ وَهِيَ مِنْهُ،

فِي الْمَعْدِنِ إلَّا الْحَرْبِيَّ لِمَا قَدَّمْنَا، وَلِأَنَّهُ لَا يَتْرُكُ أَنْ يَذْهَبَ بِغَنِيمَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَشَرَطَ مُقَاطَعَتَهُ عَلَى شَيْءٍ فَيَفِي بِشَرْطِهِ. قَالَ «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» غَيْرَ أَنَّهُ إنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ

(قَوْلُهُ كَالْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ) ذَكَرَهُ بِكَافٍ التَّشْبِيهِ، وَكَذَا فِي ضَرْبِ الْكُفَّارِ لِيُفِيدَ عَدَمَ الْحَصْرِ، فَلَوْ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ نَقْشٌ آخَرُ مَعْرُوفٌ أَوْ لِأَهْلِ الْحَرْبِ نَقْشٌ غَيْرُ الصَّنَمِ كَاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ مُلُوكِهِمْ الْمَعْرُوفَةِ اُعْتُبِرَ بِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَرَفَ حُكْمَهَا) وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ تَعْرِيفُهَا ثُمَّ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا، وَعَلَى غَيْرِهِ إنْ كَانَ غَنِيًّا، وَلَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا أَبَدًا (قَوْلُهُ لِمَا بَيَّنَّا) أَيْ مِنْ النَّصِّ، وَالْمَعْنَى أَوَّلَ الْبَابِ

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ إلَخْ) أَيْ الْكَنْزَ الْجَاهِلِيَّ لِأَنَّ الْإِسْلَامِيَّ لَيْسَ حُكْمُهُ مَا ذُكِرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهُ فِي أَرْضٍ مُخْتَطَّةٍ غَيْرِ مُبَاحَةٍ فَإِنَّهُ مَمْلُوكٌ لِلْمُخْتَطِّ لَهُ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، أَمَّا الْمُبَاحَةُ فَمَا فِي ضِمْنِهَا مُبَاحٌ إذْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ فَيَتَمَلَّكُوهُ فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ (قَوْلُهُ فَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) أَيْ الْخُمُسُ لِلْفُقَرَاءِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْوَاجِدِ، سَوَاءٌ كَانَ مَالِكًا لِلْأَرْضِ أَوْ لَا لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ لِعَدَمِ الْمُعَادَلَةِ فَبَقِيَ مُبَاحًا فَيَكُونُ لِمَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ وَجَدَهُ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ، قُلْنَا لَا نَقُولُ: إنَّ الْإِمَامَ يُمَلِّكُ الْمُخْتَطَّ لَهُ الْكَنْزَ بِالْقِسْمَةِ بَلْ يُمَلِّكُهُ الْبُقْعَةَ وَيُقَرِّرُ يَدَهُ فِيهَا وَيَقْطَعُ مُزَاحَمَةَ سَائِرِ الْغَانِمِينَ فِيهَا، وَإِذَا صَارَ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا أَقْوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>