لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْحَيَوَانِ فَأَشْبَهَ الْإِبْرَيْسَمَ. وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊ «فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ» وَلِأَنَّ النَّخْلَ يَتَنَاوَلُ مِنْ الْأَنْوَارِ وَالثِّمَارِ وَفِيهِمَا الْعُشْرُ فَكَذَا فِيمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُمَا بِخِلَافِ دُودِ الْقَزِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ مِنْ الْأَوْرَاقِ وَلَا عُشْرَ فِيهَا. ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ النِّصَابَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْحَيَوَانِ) يَعْنِي الْقَزَّ وُجُوبُ الْعُشْرِ فِيمَا هُوَ مِنْ أَنْزَالِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊ «فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ») أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ «عَنْهُ ﵊ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ أَهْلِ الْعَسَلِ الْعُشْرُ» وَلَيْسَ لَهُ عِلَّةٌ إلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ وَلَا يَعْلَمُ وَيَقْلِبُ الْأَخْبَارَ وَلَا يَفْهَمُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَانَ يَغْلَطُ كَثِيرًا. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَخَذَ مِنْ الْعَسَلِ الْعُشْرَ» وَرَوَى الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ الدَّوْسِيِّ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَسْلَمْتُ وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لِقَوْمِي مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ فَفَعَلَ، وَاسْتَعْمَلَنِي أَبُو بَكْرٍ ﵁ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ قَالَ: يَا قَوْمِ أَدُّوا زَكَاةَ الْعَسَلِ فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِي مَالٍ لَا تُؤَدَّى زَكَاتُهُ، قَالُوا: كَمْ تَرَى؟ قَالَ: الْعُشْرُ، فَأَخَذْتُ مِنْهُمْ الْعُشْرَ فَأَتَيْت بِهِ عُمَرَ ﵁ فَبَاعَهُ وَجَعَلَهُ فِي صَدَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ» وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عِيسَى: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عِيسَى بِهِ.
وَرَوَاهُ الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ مُنِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ، وَلَمْ يَعْرِفْ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالِدَ مُنِيرٍ، وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ أَيَصِحُّ حَدِيثُهُ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى «أَنَّهُ ﵊ يَأْمُرُهُ بِأَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ الْعَسَلِ»، وَأَنَّهُ شَيْءٌ رَآهُ فَتَطَوَّعَ بِهِ أَهْلُهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ «أَبِي سَيَّارَةَ الْمُتَعِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي نَحْلًا قَالَ: أَدِّ الْعُشْرَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ احْمِهَا لِي، فَحَمَاهَا» وَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَأَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ فِي مَسَانِيدِهِمْ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي وُجُوبِ الْعُشْرِ فِيهِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: حَدِيثٌ مُرْسَلٌ. سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَيْسَ فِي زَكَاةِ الْعَسَلِ شَيْءٌ يَصِحُّ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْعَنْبَرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «جَاءَ هِلَالٌ أَحَدُ بَنِي مُتْعَانَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِعُشُورِ نَحْلٍ لَهُ وَسَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ لَهُ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ سَلَبَةُ فَحَمَاهُ لَهُ»، فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَتَبَ سُفْيَانُ بْنُ وَهْبٍ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَكَتَبَ لَهُ عُمَرُ: إنْ أَدَّى إلَيْك مَا كَانَ يُؤَدِّي إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute