إذْ أَثَرُ التَّحْرِيكِ فِي السِّرَايَةِ فَوْقَ أَثَرِ النَّجَاسَةِ. ثُمَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ التَّحْرِيكَ بِالِاغْتِسَالِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ﵀، وَعَنْهُ التَّحْرِيكُ بِالْيَدِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ بِالتَّوَضِّي. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الِاغْتِسَالِ فِي الْحِيَاضِ أَشَدُّ مِنْهَا إلَى التَّوَضِّي، وَبَعْضُهُمْ قَدَّرُوا بِالْمِسَاحَةِ عَشْرًا فِي عَشْرٍ بِذِرَاعِ الْكِرْبَاسِ تَوْسِعَةً لِلْأَمْرِ عَلَى النَّاسِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى،
وَجَعَلَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ سَبْعًا، وَذِرَاعُ الْمِسَاحَةِ سَبْعٌ فَوْقَ كُلِّ قَبْضَةٍ أُصْبُعٌ قَائِمَةٌ، وَهَلْ الْمُعْتَبَرِ ذِرَاعُ الْمَسَّاحَةِ أَوْ الْكِرْبَاسِ أَوْ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ذُرْعَانُهُمْ أَقْوَالٌ كُلٌّ مِنْهَا صَحَّحَهُ مَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ، وَالْكُلُّ فِي الْمُرَبَّعِ، فَإِنْ كَانَ الْحَوْضُ مُدَوَّرًا فَقُدِّرَ بِأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَالْمُخْتَارُ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَفِي الْحِسَابِ يُكْتَفَى بِأَقَلَّ مِنْهَا بِكَسْرٍ لِلنِّسْبَةِ لَكِنْ يُفْتَى بِسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ كَيْ لَا يَتَعَسَّرَ رِعَايَةُ الْكَسْرِ، وَالْكُلُّ تَحَكُّمَاتٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ إنَّمَا الصَّحِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ التَّحَكُّمِ بِتَقْدِيرٍ مَعِينٍ. وَفِي الْفَتَاوَى: غَدِيرٌ كَبِيرٌ لَا يَكُونُ فِيهِ الْمَاءُ فِي الصَّيْفِ وَتَرُوثُ فِيهِ الدَّوَابُّ وَالنَّاسُ ثُمَّ يَمْتَلِئُ فِي الشِّتَاءِ وَيُرْفَعُ مِنْهُ الْجَمْدُ إنْ كَانَ الْمَاءُ الَّذِي يَدْخُلُهُ يَدْخُلُ عَلَى مَكَان نَجِسٍ فَالْمَاءُ وَالْجَمْدُ نَجِسٌ وَإِنْ كَثُرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ فِي مَكَان طَاهِرٍ وَاسْتَقَرَّ فِيهِ حَتَّى صَارَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ ثُمَّ انْتَهَى إلَى النَّجَاسَةِ فَالْمَاءُ وَالْجَمْدُ طَاهِرَانِ.
اهـ. وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرُوا مِنْ أَنَّ الْمَاءَ النَّجِسَ إذَا دَخَلَ عَلَى مَاءِ الْحَوْضِ الْكَبِيرِ لَا يُنَجِّسُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ النَّجِسُ غَالِبًا عَلَى الْحَوْضِ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَتَّصِلُ بِالْحَوْضِ الْكَبِيرِ يَصِيرُ مِنْهُ فَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَعَلَى هَذَا فَمَاءُ بِرْكَةِ الْفِيلِ بِالْقَاهِرَةِ طَاهِرٌ إذَا كَانَ مَمَرُّهُ طَاهِرًا أَوْ أَكْثَرُ مَمَرِّهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَاءِ السَّطْحِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ آنِفًا لِأَنَّهَا لَا تَجِفُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute