للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِضَافَةُ إلَى الْفِطْرِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ وَقْتُهُ، وَلِهَذَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الرَّأْسِ مَعَ اتِّحَادِ الْيَوْمِ، وَالْأَصْلُ فِي الْوُجُوبِ رَأْسُهُ وَهُوَ يُمَوِّنُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ فَيَلْحَقُ بِهِ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ كَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ لِأَنَّهُ يُمَوِّنُهُمْ وَيَلِي عَلَيْهِمْ (وَمَمَالِيكِهِ) لِقِيَامِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ، وَهَذَا إذَا كَانُوا لِلْخِدْمَةِ وَلَا مَالَ لِلصِّغَارِ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ يُؤَدِّي مِنْ مَالِهِمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَجْرَاهُ مَجْرَى الْمُؤْنَةِ فَأَشْبَهَ النَّفَقَةَ.

(وَلَا يُؤَدِّي عَنْ زَوْجَتِهِ)

دَلِيلِهِ وَهُوَ الْحَوْلُ، فَكَانَ السَّبَبُ وَهُوَ الْمَالُ النَّامِي مُتَكَرِّرًا لِأَنَّهُ بِنَمَاءِ هَذَا الْحَوْلِ غَيَّرَهُ بِالنَّمَاءِ الْآخَرِ فِي الْحَوْلِ الْآخَرِ، بَلْ الْحَقُّ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْمُدَّعِي أَنَّ تَضَاعُفَ الْوَاجِبِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ عِنْدَ تَعَدُّدِ شَيْءٍ دَلِيلُ سَبَبِيَّةِ الْمُتَعَدِّدِ، وَأَيْنَ هُوَ مِنْ التَّكَرُّرِ فِي أَوْقَاتٍ مُتَكَرِّرَةٍ فَالثَّابِتُ هُنَاكَ وَاجِبٌ وَاحِدٌ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ مَعَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ، فَأَنَّى يَكُونُ هَذَا نَقْضًا مُحْوِجًا لِلْجَوَابِ؟ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إثْبَاتُ سَبَبِيَّةِ شَيْءٍ لِهَذَا مِثْلُ الِاسْتِدْلَالِ بِالدَّوَرَانِ عَلَى عِلِّيَّةِ شَيْءٍ بِلَا فَرْقٍ، وَهُوَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ عِنْدَنَا فِي مَسَالِكِ الْعِلَّةِ.

فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُنَا إذْ لَا فَرْقَ، فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي إثْبَاتِ السَّبَبِيَّةِ حِينَئِذٍ مَا سَلَكْنَاهُ مِنْ إفَادَةِ السَّمْعِ، ثُمَّ إعْطَاءِ الضَّابِطِ بِأَنَّهُ رَأْسٌ يَمُونُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ، يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ فِي الْجَدِّ إذَا كَانَتْ نَوَافِلُهُ صِغَارًا فِي عِيَالِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ عَنْهُمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَدَفَعَهُ بِادِّعَاءِ انْتِفَاءِ جُزْءِ السَّبَبِ بِسَبَبِ أَنَّ وِلَايَةَ الْجَدِّ مُنْتَقِلَةٌ مِنْ الْأَبِ إلَيْهِ، فَكَانَتْ كَوِلَايَةِ الْوَصِيِّ غَيْرِ قَوِيٍّ إذْ الْوَصِيُّ لَا يَمُونُهُ إلَّا مِنْ مَالِهِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ، بِخِلَافِ الْجَدِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ مَالٌ فَكَانَ كَالْأَبِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدُ انْتِقَالِ الْوِلَايَةِ وَلَا أَثَرَ لَهُ كَمُشْتَرِي الْعَبْدِ، وَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِتَرْجِيحِ رِوَايَةِ الْحَسَنِ، أَنَّ عَلَى الْجَدِّ صَدَقَةَ فِطْرِهِمْ.

وَهَذِهِ مَسَائِلُ يُخَالِفُ فِيهَا الْجَدُّ الْأَبَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا يُخَالِفُهُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ هَذِهِ وَالتَّبَعِيَّةُ فِي الْإِسْلَامِ وَجَرُّ الْوَلَاءِ وَالْوَصِيَّةِ لِقَرَابَةِ فُلَانٍ (قَوْلُهُ فَيَلْحَقُ بِهِ) هَذَا بَيَانُ حُكْمِهِ الْمَنْصُوصِ يَعْنِي إنَّمَا أَمَرَ الشَّارِعُ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُمْ فِي مَعْنَاهُ بِمَا قُلْنَا لَا أَنَّهُ إلْحَاقٌ لِإِفَادَةِ حُكْمِهِمْ، إذْ حُكْمُهُمْ ذَلِكَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّي مِنْ مَالِهِمْ) الْأَبُ كَالْوَصِيِّ، وَكَذَا يُؤَدِّي عَنْ مَمَالِيكِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُؤَدِّي عَنْ مَمَالِيكِهِ أَصْلًا، وَالْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَجْرَاهُ مَجْرَى الْمُؤْنَةِ فَأَشْبَهَ النَّفَقَةَ) هَذَا دَلِيلُ قَوْلِهِمَا وَنَفَقَةُ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>