الْإِمَامُ شَهَادَتَهُ) لِقَوْلِهِ ﷺ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» وَقَدْ رَأَى ظَاهِرًا وَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إنْ أَفْطَرَ بِالْوِقَاعِ لِأَنَّهُ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ حَقِيقَةً لِتَيَقُّنِهِ بِهِ وَحُكْمًا لِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ وَلَنَا أَنَّ الْقَاضِيَ رَدَّ شَهَادَتَهُ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ تُهْمَةُ الْغَلَطِ، فَأَوْرَثَ شُبْهَةً وَهَذِهِ الْكَفَّارَةُ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَلَوْ أَفْطَرَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الْإِمَامُ شَهَادَتَهُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ،
فَيَقَعُ عَنْ الْقَضَاءِ.
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَقَعَ عَنْ رَمَضَانَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، لِأَنَّ التَّدَافُعَ لَمَّا أَوْجَبَ بَقَاءَ مُطْلَقِ النِّيَّةِ حَتَّى وَقَعَ عَنْ التَّطَوُّعِ، وَجَبَ أَنْ يَقَعَ عَنْ رَمَضَانَ لِتَأَدِّيهِ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ، وَنَظِيرُهُ مِنْ الْفُرُوعِ الْمَنْقُولَةِ أَيْضًا لَوْ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَكَفَّارَةَ الظِّهَارِ كَانَ عَنْ الْقَضَاءِ اسْتِحْسَانًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ.
وَفِي الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ: يَكُونُ تَطَوُّعًا لِتَدَافُعِ النِّيَّتَيْنِ فَصَارَ كَأَنَّهُ صَامَ مُطْلَقًا. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ: أَنَّ الْقَضَاءَ أَقْوَى لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ فِيهِ حَقٌّ لَهُ فَيَتَرَجَّحُ الْقَضَاءُ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَنَوَى النَّذْرَ وَكَفَّارَةَ الْيَمِينِ يَقَعُ عَنْ النَّذْرِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَفِي هَذِهِ كُلِّهَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ مُطْلَقِ النِّيَّةِ عِنْدَهُ وَصِحَّةِ النَّذْرِ لِأَنَّهُ نَفْلٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ لَوْ بَقِيَ أَصْلُ النِّيَّةِ فِي نِيَّةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لَكَانَ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْلٍ، وَهُوَ يَمْنَعُهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَطَلَ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ لَا يَبْقَى أَصْلُ الصَّلَاةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ مُطَالَبٌ بِالْفَرْقِ أَوْ يَجْعَلُ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي الصَّوْمِ رِوَايَةً تُوَافِقُ قَوْلَهُمَا فِي الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ وَقَدْ رَأَى ظَاهِرًا) فَصَارَ شَاهِدًا لِلشَّهْرِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ عَرَضِ النَّاسِ أَوْ كَانَ الْإِمَامُ فَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا رَآهُ وَحْدَهُ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ، وَكَذَا الْفِطْرُ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْكَفَّارَةُ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ) لِأَنَّهَا اُلْتُحِقَتْ بِالْعُقُوبَاتِ بِدَلِيلِ عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى الْمَعْذُورِ وَالْمُخْطِئِ (قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ) وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ: لِأَنَّ الشُّبْهَةَ قَائِمَةٌ قَبْلَ رَدِّ شَهَادَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute