لَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ حَتَّى لَا يَفْسُدَ صَوْمُهُ بِالْمَضْمَضَةِ. وَلَنَا أَنَّ الْقَلِيلَ تَابِعٌ لِأَسْنَانِهِ بِمَنْزِلَةِ رِيقِهِ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى فِيمَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ، وَالْفَاصِلُ مِقْدَارُ الْحِمَّصَةِ وَمَا دُونَهَا قَلِيلٌ (وَإِنْ أَخْرَجَهُ وَأَخَذَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ أَكَلَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ صَوْمُهُ) لِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّ الصَّائِمَ إذَا ابْتَلَعَ سِمْسِمَةً بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَلَوْ أَكَلَهَا ابْتِدَاءً يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَلَوْ مَضَغَهَا لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهَا تَتَلَاشَى وَفِي مِقْدَارِ الْحِمَّصَةِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ زُفَرَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا لِأَنَّهُ طَعَامٌ مُتَغَيِّرٌ، وَلِأَبِي يُوسُفَ: أَنَّهُ يَعَافُهُ الطَّبْعُ.
(فَإِنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ لَمْ يُفْطِرْ)
لَمْ يُفْطِرْ، وَإِنْ كَانَ انْقَطَعَ فَأَخَذَهُ وَأَعَادَهُ أَفْطَرَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ابْتَلَعَ رِيقَ غَيْرِهِ.
وَلَوْ اجْتَمَعَ فِي فِيهِ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ يُكْرَهُ وَلَا يُفْطِرُ، وَلَوْ اخْتَلَطَ بِالرِّيقِ لَوْنُ صَبْغِ إبْرَيْسَمٍ يَعْمَلُهُ لِلْخَيْطِ مِنْ فِيهِ فَابْتَلَعَ هَذَا الرِّيقَ ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ أَفْطَرَ (قَوْلُهُ: لَهُ حُكْمٌ ظَاهِرٌ) فَالْإِدْخَالُ مِنْهُ كَالْإِدْخَالِ مِنْ خَارِجِهِ وَلَوْ شَدَّ الطَّعَامَ بِخَيْطٍ فَأَرْسَلَهُ فِي حَلْقِهِ وَطَرَفُهُ بِيَدِهِ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ إلَّا إذَا انْفَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَلَنَا أَنَّ الْقَلِيلَ تَابِعٌ لِأَسْنَانِهِ بِمَنْزِلَةِ رِيقِهِ) كَمَا لَا يَفْسُدُ بِالرِّيقِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا تَابِعًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِامْتِنَاعُ عَنْ بَقَاءِ أَثَرٍ مَا مِنْ الْمَآكِلِ حَوَالَيْ الْأَسْنَانِ وَإِنْ قَلَّ، ثُمَّ يَجْرِي مَعَ الرِّيقِ التَّابِعِ مِنْ مَحَلِّهِ إلَى الْحَلْقِ، فَامْتَنَعَ تَعْلِيقُ الْإِفْطَارِ بِعَيْنِهِ فَيُعَلَّقُ بِالْكَثِيرِ وَهُوَ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ اُعْتُبِرَ كَثِيرًا فِي فَصْلِ الصَّلَاةِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ جَعَلَ الْفَاصِلَ كَوْنَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ فِي ابْتِلَاعِهِ إلَى الِاسْتِعَانَةِ بِالرِّيقِ أَوْ لَا. الْأَوَّلُ قَلِيلٌ، وَالثَّانِي كَثِيرٌ، وَهُوَ حَسَنٌ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْحُكْمِ بِالْإِفْطَارِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْوُصُولِ كَوْنُهُ لَا يَسْهُلُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَذَلِكَ فِيمَا يَجْرِي بِنَفْسِهِ مَعَ الرِّيقِ إلَى الْجَوْفِ لَا فِيمَا يَتَعَمَّدْ فِي إدْخَالِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فِيهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَكَلَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفْسِدَ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظَةِ أَكَلَهُ الْمَضْغُ وَالِابْتِلَاعُ أَوْ الْأَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.
وَمِنْ مُجَرَّدِ الِابْتِلَاعِ فَيُفِيدُ حِينَئِذٍ خِلَافَ مَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ أَنَّهُ إذَا مَضَغَ مَا أَدْخَلَهُ وَهُوَ دُونَ الْحِمَّصَةِ لَا يُفَطِّرُهُ، لَكِنَّ تَشْبِيهَهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ مِنْ عَدَمِ الْفَسَادِ فِي ابْتِلَاعِ سِمْسِمَةٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ، وَالْفَسَادُ إذَا أَكَلَهَا مِنْ خَارِجٍ وَعَدَمُهُ إذَا مَضَغَهَا يُوجِبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَكْلِ الِابْتِلَاعُ فَقَطْ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِعَطَاءِ النَّظِيرِ، وَفِي الْكَافِي فِي السِّمْسِمَةِ قَالَ: إنْ مَضَغَهَا لَا يَفْسُدُ إلَّا أَنْ يَجِدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ. وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا فَلْيَكُنْ الْأَصْلَ فِي كُلِّ قَلِيلٍ مَضَغَهُ، وَإِذَا ابْتَلَعَ السِّمْسِمَةَ حَتَّى فَسَدَ هَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ؟ قِيلَ: لَا، وَالْمُخْتَارُ وُجُوبُهَا لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يَتَغَذَّى بِهِ.
وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ. (قَوْلُهُ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَعَافُهُ الطَّبْعُ) فَصَارَ نَظِيرَ التُّرَابِ، وَزُفَرُ يَقُولُ: بَلْ نَظِيرُ اللَّحْمِ الْمُنْتِنِ، وَفِيهِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute