للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ صُورَةُ الْفِطْرِ وَهُوَ الِابْتِلَاعُ وَكَذَا مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَغَذَّى بِهِ عَادَةً، إنْ أَعَادَهُ فَسَدَ بِالْإِجْمَاعِ لِوُجُودِ الْإِدْخَالِ بَعْدَ الْخُرُوجِ فَتَتَحَقَّقُ صُورَةُ الْفِطْرِ. وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ فَعَادَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ وَلَا صُنْعَ لَهُ فِي الْإِدْخَالِ، وَإِنْ أَعَادَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِعَدَمِ الْخُرُوجِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَفْسُدُ صَوْمُهُ لِوُجُودِ الصُّنْعِ مِنْهُ فِي الْإِدْخَالِ (فَإِنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا مِلْءَ فِيهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ) لِمَا رَوَيْنَا وَالْقِيَاسُ مَتْرُوكٌ بِهِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَفْسُدُ لِعَدَمِ الْخُرُوجِ حُكْمًا ثُمَّ إنْ عَادَ لَمْ يَفْسُدْ عِنْدَهُ لِعَدَمِ سَبْقِ الْخُرُوجِ، وَإِنْ أَعَادَهُ فَعَنْهُ: أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ لِمَا ذَكَرْنَا،

وَخَرَجَ إنْ كَانَ مِلْءَ الْفَمِ فَسَدَ صَوْمُهُ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا رَوَيْنَا وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَفْرِيعُ الْعَوْدِ وَالْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِمُجَرَّدِ الْقَيْءِ قَبْلَهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ فِيهِ أَفْطَرَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَاهُ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّفْرِيعُ أَيْضًا عِنْدَهُ، وَلَا يُفْطِرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ.

لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي، ثُمَّ إنْ عَادَ بِنَفْسِهِ لَمْ يُفْطِرْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَتَحَقَّقُ الدُّخُولُ لِعَدَمِ الْخُرُوجِ، وَإِنْ أَعَادَهُ فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ لَا يُفْطِرُ لِعَدَمِ الْخُرُوجِ. وَفِي رِوَايَةٍ يُفْطِرُ لِكَثْرَةِ الصُّنْعِ، وَزُفَرُ مَعَ مُحَمَّدٍ فِي أَنَّ قَلِيلَهُ يُفْسِدُ الصَّوْمَ جَرْيًا عَلَى أَصْلِهِ فِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِقَلِيلِهِ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَفْسُدُ) ذَكَرْنَا أَنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ عَادَةً) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَتَغَذَّى بِهِ فَإِنَّهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ مَطْعُومٌ، فَإِذَا اسْتَقَرَّ فِي الْمَعِدَةِ يَحْصُلُ بِهِ التَّغَذِّي، بِخِلَافِ الْحَصَى وَنَحْوِهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَعْتَدَّ فِيهِ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْحِلِّ وَنُفُورِ الطَّبْعِ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمُصَحَّحُ (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا) قَيَّدَ بِهِ لِيُخْرِجَ مَا إذَا اسْتَقَى نَاسِيًا لِصَوْمِهِ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَفْسُدُ) صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ، وَعَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: أَعْنِي مِنْ حَيْثُ الْإِطْلَاقُ فِيهَا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْقَيْءُ طَعَامًا أَوْ مَاءً أَوْ مُرَّةً، فَإِنْ كَانَ بَلْغَمًا غَيْرَ مُفْسِدٍ لِلصَّوْمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ إذَا مَلَأَ الْفَمَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ نَاقِضٌ. وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ هُنَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِمَا بِخِلَافِ نَقْضِ الطَّهَارَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ إنَّمَا نِيطَ بِمَا يَدْخُلُ أَوْ بِالْقَيْءِ عَمْدًا، إمَّا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ عَادَةً دُخُولَ شَيْءٍ أَوْ لَا بِاعْتِبَارِهِ بَلْ ابْتِدَاءِ شَرْعِ تَفْطِيرِهِ بِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلْحَظَ فِيهِ تَحَقُّقَ كَوْنِهِ خَارِجًا نَجَسًا أَوْ طَاهِرًا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَلْغَمِ وَغَيْرِهِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ نَقْضِ الطَّهَارَةِ، وَلَوْ اسْتَقَاءَ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ مِلْءَ فِيهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ أَوْ غَدْوَةٍ ثُمَّ نِصْفِ النَّهَارِ ثُمَّ عَشِيَّةٍ لَا يَلْزَمُهُ، كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>