للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتِبَارًا بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي النَّجَاسَةِ الْحَقِيقَةِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ إنَّهُ نَجِسٌ نَجَاسَةً خَفِيَّةً لِمَكَانِ الِاخْتِلَافِ.

قَالَ (وَالْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ هُوَ مَا أُزِيلَ بِهِ حَدَثٌ أَوْ اُسْتُعْمِلَ فِي الْبَدَنِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ) قَالَ : وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَقِيلَ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا بِإِقَامَةِ الْقُرْبَةِ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ بِانْتِقَالِ نَجَاسَةِ الْآثَامِ إلَيْهِ وَإِنَّهَا تُزَالُ بِالْقُرَبِ، وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: إسْقَاطُ الْفَرْضِ مُؤَثِّرٌ أَيْضًا فَيَثْبُتُ الْفَسَادُ بِالْأَمْرَيْنِ، وَمَتَى يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا

فَعُولٍ، وَتَكَرُّرُ الْقَطْعِ لِمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ قَطُوعٌ لَيْسَ إلَّا لِخُصُوصِ الْمَادَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا الْمُبَالَغَةُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَطْعَ تَأْثِيرٌ فِي الْغَيْرِ بِالْإِبَانَةِ، وَهَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ صِيغَةِ فَاعِلٍ فَإِنَّ صِحَّةَ إطْلَاقِ قَاطِعٍ مَا دَامَ قَائِمًا كَانَ ثُبُوتُ الْقَطْعِ قَائِمًا وَيَلْزَمُهُ تَكَرُّرُ الْقَطْعِ فَقَدْ ثَبَتَ التَّكَرُّرُ بِدُونِ صِيغَةِ فَعُولٍ فَالْمُبَالَغَةُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ إلَّا بِاعْتِبَارِ كَثْرَتِهِ وَجَوْدَتِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَعُولًا لِلْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ الْوَصْفِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَصْفُ مُتَعَدِّيًا كَانَ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهِ بِالْغَيْرِ، وَإِنْ كَانَ قَاصِرًا فِي نَفْسِهِ كَانَ بِاعْتِبَارِهِ فِي نَفْسِهِ لَا أَنَّهُ يُصَيِّرُهُ مُتَعَدِّيًا وَصِفَةُ طَاهِرٍ قَاصِرَةٌ فَالْمُبَالَغَةُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ جَوْدَتِهِ فِي نَفْسِهِ، أَمَّا إفَادَةُ الْمُبَالَغَةِ تَعَلُّقَهُ بِالْغَيْرِ فَلَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا، وَانْظُرْ إلَى قَوْلِ جَرِيرٍ:

عَذَابُ الثَّنَايَا رِيقُهُنَّ طَهُورٌ … فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَيْسَ هُوَ بِرَافِعٍ

(قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَسَائِلَ نُقِلَتْ، وَذَكَرَ مَا نَقَلْنَاهُ آنِفًا مِنْ كِتَابِ الْحَسَنِ وَذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ رَفْعَ شَيْءٍ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْإِنَاءَ قَيْدٌ، حَتَّى لَوْ أَدْخَلَ رِجْلَهُ فِي الْبِئْرِ أَوْ يَدَهُ لَا يُفْسِدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>