للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧)} [العنكبوت:١٧].

فجاءت هذه الآيات لتذكر العباد بنعمة الر زق وغيرها من النعم التي تقود العبد لحقيقة الشكر وهي التوحيد لله جل وعلا والاعتراف بالعبودية له دون غيره من الكائنات حيث لا يصح أن يعبد إلا من يرزق الخلق لأن أكلهم رزقه, وعبادتهم غيره كفر ظاهر. (١)

• نعمة إحياء الأرض وإخراج النبات.

ومن الآيات التي بين الله فيها فضل هذه النعمة وعظمتها قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥)} ... [يس: ٣٣ - ٣٥].

فبين الله سبحانه أنه هو الذي أحيا الأرض وقد كانت مواتا وأخرج منها النبات والحب, وجعل فيها الحدائق والثمار, كل هذا ليأكل العباد مما أنبت لهم وأنشأ جل وعلا, وما سخر لهم وأعانهم عليه من الحرث والغرس, أما إنضاجه وإخراجه فليس لهم فيه حول ولا قوة, وهذا كله يستحق شكر المنعم المطعِم جل وعلا. (٢)

وهذه الآيات وإن كانت للاستدلال على البعث ففيها إدماج للامتنان ضمن الاستدلال ولذلك فرع عليه {فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ} وفرع عليه {أَفَلَا يَشْكُرُونَ}. (٣)

وبين الله تعالى أن نعمة الأكل تسبقها نِعَم, وهي إحياء الأرض وشق الحب وإخراجه وإنشاء الجنات التي تخرج منها الثمار والفواكه, ثم يأتي الأكل منها بعد كل هذه النعم.


(١) انظر: أضواء البيان (٢/ ١٧٤).
(٢) انظر: جامع البيان (٢٠/ ٥١٤ ,٥١٥).
(٣) التحرير والتنوير (٢٣/ ١٣).

<<  <   >  >>