للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فجاء الأمر على وفق الأمل كما قلت ووهب لي تلك السنة ما سألت وأعطاني عام فتح القدس ما أملت. عاد الحديث قال: وخرج عماد الدين إلى خيامه التي ضربها وسارع في استنجاز الموعد في البلاد التي طلبها ولفم يزل وزيره شمس الدين بن الكافي مترددا في الطلب وأمر السلطان بإنشاء عهده وإيجاب عقد يتأكد به الميثاق ويتمهد به الوفاق فلازمني (١٢١٤) أياما حتى حررت نسخة حكمها المحكم لا ينسخ وعقدها المبرم لا يفسخ وأنعم عليه ببلدة سنجار وزيد الخابور ونصيبين والرقة وسروج.

قال: ولما فتحنا حلب ودانت لنا معاقلها بقي حارم مع أحد المماليك الصغار النورية وقد طمع أن يحميها ثم أن أجناد حارم اتهموه بمراسلة الفرنجة ومداخلتهم فأخرجوه وأكرهوه على النزول ونزل به المكروه وأعلنوا بشعارنا فسرنا إليها وتسلمناها ودبرنا أمرها وأحكمناها ووفرنا من الإحسان قسط أولئك المسلمين وتلونا في حقهم " إن الله لا يضيع اجر المحسنين " فراسل صاحب أنطا كية ضارعا وللعجز عارضا وإلى الانقياد إلينا مسارعا وسير إلينا من أسارى المسلمين جماعة وافية وأظهر إسكانه فيه لأسباب الإيقاع نافية.

[ذكر عبرة]

قال: وعين السلطان يوما للضيافة العمادية وكان ذلك في المخيم قبل انتقاله إ'لى البلد فكملت له أسباب وشروط ونظمت للسماط سموط وترنم الشادي وترنح النادي وكأنما اجتمع القمران بجلوس عماد الدين بجنب السلطان وبنياهم في أحظى حضور وأحبى حبور وأتم نشاط وأتم اغتباط اذ جاء بعض الحجاب وأسر إليه بنفي أخيه تاج الملوك فما تنكب عن منهج ثباته المسلوك ولم تتغير طلاقة وجهه وأمر سرا بتجيزه ودفنه، وأعطى تلك الضيافة حقها وبسط بسنا انبساطه أفقها ثم انتقل السلطان إلى حلب وأقام بالقلعة ووظف المكارم وكشف المظالم وأسقط المكوس وكتب إلى أصحاب الأطراف والأوساط باجتماع عساكر جميع الجهات عنده للرباط ويتم له ملك الشام وسر سره بالتمام، وحالفه عماد الدين في الموافقة في ساير المرام. وأمرني بكتب المناشير لأكابره وأمثاله بعد ما خص أرباب الفضايل بفضائله واعتصمت العواصم بعصمته ووقفت القلوب في القبول بين مهابته ومحبته وأحس رعاية محسني الرعية وأعاد القضاء والخطبة إلى أهل مذهب الشافعية.

[ذكر القلاع وما ترتب من وجوه الاصطناع]

قال: وأبقى عين تاب على صاحبها وخصه بأبادي يده ومواهبها وأم تل خالد فإنه أنعم بها على بدر الدين دلدرم بن بهاء الدولة بن ياروق مضافة إلى تل باشر فهدم قلعتها وتصرف في أعمالها واستبد بارتفاعها وعلاها. وأما قلعة عزاز فإن عماد الدين الزنكي كان قد هدمها لتوفر قوته على حفظ حلب فأقطعها وأعمالها علم الدين سليمان بن جندر فأعاد عمارتها كما كانت وظهرت آثار كفايته وبانت، وسلم حارم إلى أحد الخواص من أهل الولاء والإخلاص وولى القضاء في حلب محي الدين أبا المعالي محمد بن زكي الدين على القرشي فاستناب فيها القاضي زين الدين نبأ بن الفضل ابن سليمان المعروف بابن البانياسي وأقام في قلعة حلب سيف الدين يازكوج واليا وولى الديوان العميد ناصح الدين اسمعيل بن العميد، وجعل حلب باسم ولده الملك الظاهر غازي وكان قد اصطحبه من مصر عند وصوله إلى الشام وعادت الأمور بسيرته السارة إلى نظام وما برح السلطان من حلب حتى استقامت أحوالها على جدد الصلاح واستتامت آمالها إلى مدد النجاح وضرب باسمه درهمها ودينارها وأنارت معالمها وعلا منارها وصدحت بالأدعية منابرها وصدق لإرعاء الرعية منابرها قلت: وأورد ههنا مناشير من إنشائه لأماثل منها منشورا للشيخ الإمام علاء الدين الكاساني مدرس المدارس الحنفية بحلب ومنشور للمحتسب بها ولم يسمه وآخر باسم طبيب ثم قال:

[ذكر بشاير بوقعات نصر فيها الإسلام]

وصلت ونحن في حلب منها وقعة برية بالفرنج على ما يعرف بالعسيلة ووقعة بحرية في ظفر الأسطول وذلك في محرم سنة تسع وسبعين وشرح ذلك في كتاب من الإنشاء الفاضلي إلى الديوان العزيز يتضمن الوقعتين:

<<  <   >  >>