للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وفي أول هذه السنة وصل إلى دمشق الجماعة الذين خرجوا (١٨١ أ) من بغداد موافقة لقطب الدين قايماز وما بدا لأنفسهم بالالتجاء إلى السلطان والاحتراز.

[ذكر السبب في ذالك]

قال: كان قطب الدين قايمار محكما في الدولة الإماميه من أول الأيام المستنجديه، وهو الآمر والناهي، والمفاخر والمباهي وقد بلغ في التحكم إلى أقصى غايات التناهي، والإمام المستنجد توفاه الله وهو عنه غير راض واجترأ عليه والقدر عنه متغاض، وبسط يده في الدولة المستضيه، وصل وعقد وأصدر وأورد، وقرب وأبعد وصوب وصعد ثم تجبر وتكبر، وقوي على وزير الخليفة عضد الدين بن رئيس الرؤساء وأخافه وراما أتلافه حتى أستعاد منه برباط شيخ الشيوخ وسلم بحمايته من أذى المذكور فأرتكب مخالفة الخليفة وخرج عن أمر السنة الشريفة وعن له أن يحيط بالدار إحاطة الحصار وحسب أنه فاز من القوة والجند بالاستظهار فلما نجح الخليفة في إزعاجه وإعجازه لم تفي حقيقة عزه بمجازه وحكم بإذلاله القدر الذي حكم بإعزازه، ولم ينج لما أحيط بداره إلا بفتح باب في جداره وركب وخرج مفلتا غير لافت، وحل بالحلة الزيدة في أوائل ذي القعدة سنة سبعين ففارقها متوجها نحو الموصل متشوشا أمره متشورا فكره قد خلاه خلانه وخانه إخوانه وأحاط به غمد إحسان الإمام وغفرانه وجذبه إلى الأجل نهاية زمانه، ومرض وعانى المضض وتوفى في قرى الموصل بقربها وتحول إلى تربها، وتفرق من صحبه من أصحابه في البلاد، فمنهم من رجع إلى بغداد على سبيل السداد ومنهج الرشاد، ومنهم من جاء إلى الشام والتجأ إلى ظل الإكرام، ومنهم حسام الدين تميرك بن يونس وكان في قديم الدهر للسلطان المؤمل ففرج بلقائه وابتهج بروائه، ومنهم عز الدين أقبوري بن أرغش، وطالما إليه تعطش فإنه كان صهره قديما وعنده كريما، وأسف عز الدين على ماتركه من ماله وكان ذا خزائن مملوءة، وآلاف مؤلفة من بدر النضار وعقود الجواهر والخيل المسومة، فخرج بفرشه منهلا خاليا وعنها ساليا فآواه واعز مأواه وكتب في حقه إلى الديوان العزيز كتب شفاعة فما كان الذنب الذي ارتكبوه مما يقبل الصفح، ومازال السلطان يسعده ويسعفه حتى صح وزنه ومسح حزنه وهون عليه ذهب مصر ذهاب ما سواه ولكن أين الترب الذي تولى بعدما تولاه. وكان عز الدين أقبورلي عند السلطان أعز الأعزة وعزمه في مصالحة غضب المهزة والسلطان خال بنته وهي زوجة عز الدين فرخ شاه ابن أخيه وصعب عليه من محل عزه فحاجه ولزمه بحكم القرابة والمروءة والسماحة حاجة وكثر على الديوان العزيز لحرمانه ومواته وخدماته احتجاجه.

قال: وهذا فصل من كتاب في المعنى إلى نجم الدين نجاح عن السلطان وهل تكون الشفاعات إلا لأهل الكباير، يسع عواطف الأيام الالذوي الجراير وعفو أمير المؤمنين وهو أرأف بأوليائه وأرحم، ولاغنى عن جذبة من جذبات همته المباركة في التكفل بأمر المذكور لازالت مكارمه متكفلة بإنجاح الأمور.

قال: ولما سار الأجل الفاضل إلى مصر اعتمد علي في تنفيذ الأوامر والتفرد الإصدار والإيراد في الأمر. وواظب السلطان على الجلوس في دار العدل والقيام بدار البدل لكشف المظالم وبث المكارم. ومن جمله ماحصل في خزانته بمصر من الاعلاق النفسي دوى محلاة نضارية وفضيه ثقيلات الأوزان غاليات الأثمان فتسلط عليها يد أياديه وفرقها على جماعة موالية فقال لي يوما اكتب لأمين الدين قاضي حماه إلى مصر بدواة محلاة فقلت بل أكتب بدواتين أحدهما للطالب والأخرى للكاتب فتبسم أستبشارا بالسؤال واهتزازا للنوال ووقع بهما في الحال.

وكتبت إلى الأجل الفاضل رسالة في صفة الدواة، ومنها قد أحاط العلم الأشراف بأن الكاتب معظم أدواته دواته، وها يتوفر وتحيا حرماته ومواته وهي صاحبته التي لا يؤثر طلاقها ومعشوقته التي لا يحب فراقها، المرضعة لبنها الهيف الهيم، الملحفة النهار ليلها البهيم.

قال: ومدحت في مستحل شهر ربيع الأول الملك تقي الدين وكان قد فوض إليه ولاية دمشق بقصيدة أولها

أحاط بورد وجنته الجنى ... بنفسج خط عارضه الطرى

وجال وشاحه في الخصر منه ... مجال الوهم في السر الخفى

وجاذب حقفه غصن قصيف ... فيا ويح الضعيف من القوى

١٨١ب) يواخذ طرف بالذنب قلبي ... فيا جور السقيم على البرى

ومنها:

<<  <   >  >>