للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد ضربنا في البلاد فلم بجد ... أحدا سواك إلى المكارم ينسب

فاصبر لعادتنا التي عودتنا ... أولا فأرشدنا إلى من نذهب

وقال:

فلو كنت تحصى ما وهبت من الندى ... تبينت ما تجنى عليك المكارم

قال: ولما وصل الرسول إلى الموصل بلغه استشهاد الوزير فتوقف ووافق وصوله إليها وفاة ابن عمه القاضي عماد الدين احمد بن القاضي كمال الدين الشهرزوري.

فصل من كتاب فاضلي في ذلك كله مكاتبة ضياء الشهرزوري بالإتمام لطيته والنفوذ لوجهته صواب، وعلم أيضا وفاة ابن عمه فسبحان من قارب بين الخلق في الأرزاق والآجال.

يدلى ابن عشرين في قبره ... وتسعون صاحبها راتع

اغتبط الولد مع نضا ... رة الشباب المقتبل

وعمر الوالد مع ذبو ... ل المشيب المشتمل

ليعلم أن الشباب ليس بمسلم ... وان الشباب الغض ليس بمانع

وليكون العبد حذرا من نعيات الآجال في كل الأحوال، والله تعالى يطيل للمولى العمر كما أطال له في القدر ويسمع منه ولا فيه ويبقيه سندا للدين الحنيفي فان بقاءه يكفيه.

[(١٩٤أ) ذكر الأمير شمس الدين بن المقدم]

قد سبق ذكره وانه من أكابر الأمراء المقدمين وله سوابق وموات وشوافع وحرمات، وهو السابق إلى مكاتبة السلطان في تصويب رأيه إلى الوصول إلى الشام وتدارك أمر الإسلام، وان السلطان لما تسلم قلعة بعلبك انعم بها عليه فأقام بها مستقرا، ولما وصلنا في هذه نوبة إلى الشام لم يحضر كما جرت العادة للخدمة والسلام فانه انتهى إليه أن الملك المعظم شمس الدولة طلبها من أخيه وانه لا يمكنه الرد في نحر مباغيه وعلم انه إذا احضر حظر عليه العود وكوتب مرارا سرا وجهارا فأبى إلا الإباء وشارف السلطان منه ومن أخيه الحياء، ومكث طويلا عسى إن يجمع بين القلوب ويدفع ما لزم من الخطوب وهو في ذلك يستعين بالله في هدايته إلى الصواب. وفي هذه السنة اربعنا عن مخيم السلطان بتل حارم من الشعراء ونزلنا منها بالعراء والعشب واص والخطب قاص والزمان غير عاص، ونجح الآمال غير متعاص والمرعى مريع وشمل المسار جميع ولله في الإحسان إلينا صنيع نصيع وروض لنا وسيع وشيع.

[ودخلت سنة أربع وسبعين]

والسلطان في أمر بعلبك مفكر, والرسل بينهما إلينا رايح أو مبكر وشمس الدولة أخوه لا يقبل عذرا ولا يرى عما طلبه صبرا, وكانت سلطنة الشام له فلما وصل السلطان أخذت عقوده في الانحلال وأموره في الاختلال فأراد موضعا ينفرد بحكمه, ويجري فيه من طيب عيشه على رسمه فلم يتعين له سوى بعلبك فطلبها والسلطان يريد أن يحفظ قلب ابن المقدم فكلما رفق به عنف, وكلما أستأنف معه لاستمالته عزف فما زالت الموارد الصافية تتكدر والضماير السهلة تتوعر حتى استأذن الملك المعظم في التوجه إلى بعلبك فأذن له وعقد بها أمله وقصر على تسلمه عمله. وتوجه عز الدين فرخشاه إلى حوران لحفظ الثغور ورعاية الجمهور وسرنا إلى حمص ونزلنا على العاصي لاستدناء الآمال القواصي العواصي.

فصول من كتب فاضلية وردت في أوايل هذه السنة.

[فصل له من كتاب]

فأما المتحصن بقلعة بعلبك فقد ضرب بينه وبين السعاد بحجاب, وصرف عن باب الخير وهو باب مولانا الذي ما بعده سوى لله باب وقد خدعه الرأي الذي تبعه وولاه النظر الذي دله. ولو هدى لصوابه ووفق لرشاده فتحت له أبواب الإنابة ومهدت لدعائه أسباب الإجابة قبل أن يحق عليه الكلمة وتشتد عليه حدب الحكمة, وتخبطه الأرجل خبط السلمة.

[فصل آخر من كتاب آخر في المشورة والفكر]

المملوك يقول: إن كثرة الشك محاماة عن اليقين المعتقد, وكثرة أمن من تطرق الرأي المستنقد وأنه لا تنال الزبدة إلا بالمخض ولا يتأكد الإبرام إلا بعد النقض, وإذا تكرر صقل السيف كان التكرار أظهر لجوهره, وإذا تكرر سقي الغصن كان أخرج لثمره ولاسيما وكل أمر ابتدأ به المولى واستدركه ونهى عنه ثم أمر به لم يفت منه فايت ولا خرج عن اليد منه خارج.

فصل آخر

<<  <   >  >>