للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمراكب العدو مالكة وبرجالها فاتكة فدخلوا بها إلى الميناء " وملك الفرنج خمسة من شواني المسلمين وأسروا مقدميها ورئيسهم عبد السلام المغربي ومتوليه بدران الفارسي وأمراءه " وبدر أمراؤها المقدمون وتواقع إلى الماء رجالهم الباقون فمنهم من نجا وخلص تحت ستر الدجى ومنهم من قنط من خلاصه المرتجى فأصبحنا وقد وجمنا من تلك الليلة وبغتتنا نبوة تلك النوبة ثم قلنا هذه المراكب التي سلمت لا انتفاع بعدتها القليلة ولا حاجة إلى بقاء الباقيات الصالحات عندنا وإن الله سينصر بدونها في حماية الدين جندنا فجرنا لنسير إلى بيروت وننجو من المعرة ونفوت فلما أقذف بها ملاحوها بصرت بمراكب الفرنج وراءها فخافت اعتراكها واجتراءها فتواقعت إلى الماء خارجة على الوجوه مشفقة من المكروه وكانت مجمعة بجريد وبجفوة مصرية ونجا منها شيني رئيس جبيل كأنها الجبل وانحدر على البحر كأنه سيل وكانت رجاله منتخبين بالبأس والبسالة منتخبين وأما الشواني التي تخلوا عنها فأنا رفعناها إلى الأرض وبسطنا فيها أيدي النقص وعدنا إلى ما كنا عليه من قتال البر وأطعمت الفرنج شئون تلك الشواني فقالت ما هذا أوان التواني فاستعدت يوماً وقت العصر وخرجت عن الحصر وأقدموا مدججين في بحر اللجاج ماججين يجرون من أبدان السوابغ ذيولها ويجرون من أمواه السيوف القواطع سيولها فما ترى إلا فل الحديد بالحديد وشل العديد بالعديد وهز الصوارم وحز الغلاصم وحطم الموازن وبث المكنون ونقل الكناين ومازالت الرؤوس كالزروع تحصد والعوالي في الضلوع تقصد والقنا في السابري تندق والكلى باليسرى تنشق حتى انفل الحديد وتكسر وانحل السديد وتيسر وكانت الدايرة على الكفرة فانفجرت على نصالها عيون الفجرة وانتكصوا مغلولين مأخوذين وأسر فيمن أسر منهم مقدم كبير قدم سلبه بأموال وعد لحماسته ولبسالته برجال ما سلم نفسه حتى سلمت دونه نفوس وما غل عنقه حتى طارت دون وقوعه رؤوس وتباشر الناس وقالوا أسر المركيس وحصل في القبض إبليس وكل من يتألمه يشبهه بالمركيس ويمثله. وكان الليل قد جن والسيل قد أرجحن فسلمه السلطان إلى الملك الظاهر ليحفظه ويعين الحراسة يلحظه فقدم المقدم وضرب بيده عنقه ولما أقمنا صروحاً تبين أن المركيس في الحياة مهله إبليس وعادت بالحروب في كل يوم يحدد فيها المنون وتدور برحاها الحرب الزبون تجد ويجدون وتشتد ويشتدون ولو أقمنا لرجونا من عون (٢٣٨ب) الله تعالى أن ينصرنا وقلنا قد آن للصبح أن يسفر وللنجح أن يظهر لكن مراد الله أمضى وقدره أغلب وأقضى.

[ذكر الرحيل عن صور وبيان السبب فيه]

وذلك في آخر شوال

<<  <   >  >>