للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن إجابة السلطان عن بعض الكتب الفاضلية بالإنشاء العمادي. وردت المكاتبات الكريمة الصادرة عن الحضرة السامية الأجلية الفاضلية ضاعف الله سمو ظلالها ونمو أفضالها وبلوغ آمالها وسبوغ ظلالها مؤرخات بثالث عشر شوال ورابع عشر ومنتصفه نظام سطر الطرس وظلام ديجور النفس في صدفة وسدنة متضمنات شكر ما من الله به من سلف الإحسان مبشرا بما أعده لنا من مونيقة مهديات للنصائح الفصايح, فأضاءت بطلوعهن مطالع المطالب عن سنا النجح, ووصلت مناهج المسار ومباهج المبار سافرة الوجه مسفرة الصبح وتضاعف من الأنس بمطالعة الكتب الوحشة لما ينوب من مشاهدة طلعة القرب. فأما ما أنهاه المجلس السامي بعد رحيلنا من بزاعة المقيم فإنه شرح ما تجدد لنا بغيته, وأوضح طرفا مما وجدناه من الوجد عند عدم الاستيناس بكريم حضرته أحاط علم الكريم بأن اليمن مقرون بحضوره وأن استقامة الملك في أموره بحسن تدبيره ولولا متابعة إرادته ومطاوعة بغيته لما سمعنا على الكرة بغيته, ولكننا ضننا به لكننا ظننا أنه يجد من ذلك التعب الدايم راحة ويكون حمام موارد الإحجام له مستباحة مستماحة. إني والمملكة بارئه وآلائه متسقة العقود, مشرقة السعود, فايزة العهود, ناجزة الوعود لا زالت أقلامه لمقاصد النجاح محررة وأحكامه لقواعد الصلاح مقررة والأيام بميامنه المباكرة مباكرة والممالك لمشاركة تدبيراته المشكورة مشاركة.

ومنها وتلقينا رسل الخلافة المعظمة بألطاف البشرى وأصناف اليسرى والرسالة المباركة مشتملة على ثلاثة فصول ضامنة لإجابة كل سؤال وإصابة كل سؤل.

فأول الفصول إظهار الاغتمام بما جرى من نبوة تلك النوبة, وثانيها عرض المال والرجال الذين بهما مال الرجا إلى دار الحظوة, وثالثها قبول الشفاعة في عز الدين أقبوري والاعتداد بها وعدها من المنن الحلوة والمنح الصفوة.

عاد الحديث قال: وخرج السلطان للصيد في ذي الحجة نحو قارا فشكوت ضرسي وعدمت أنسي, واتفق رجوع عز الدين فرخشاه لحمى عزته ورجعت معه أحاضره وأسامره ليلا ونهارا وأجتني من رياض أخلاقه المونقة أزهارا فأنشدني بيتي المتنبي:

وزايرة كأن بها حياء ... فليس تزور إلا في الظلام

إذ ما فارقتني غلتي ... كأن عاكفان على حرام

فقال: وحماتي بالصد منها فإنها لا تزور إلا نهارا ولا تهجم إلا جهارا ولا بفرقتي يفرق ولا أخلص من نارها بعرق فنظمت فيه كلمة طويلة في صفة الحمى. (١٩٣ أ)

وزايرة وليس بها حياء ... فليس تزور إلا في النهار

ولو عرفت لظي سطوات عزمي ... لكانت من سطاي على حذار

أحماك استعارت لفح نار ... لعزمك لم تزل ذات استعار

وما أحمى مزاجك غير لطف ... ليوقد ناره عند الغوار

ولفح العارض السارى دليل ... من الغيث الملث على انهمار

وما إن حم ليث الغاب إلا ... لخلقك سالب لب العقار

[ذكر استشهاد عضد الدين وزير الخليفة في العاشر من ذي القعدة في هذه السنة]

قال: ولما صفى للوزير عضد الدين أبي الفرج بن المظفر رئيس الرؤساء موارد النعماء، وامن من صروف الدهر نوايب الاعتداء تفرد بشغله وفاض عدله وفيض فضله واستكمل الري من نهله وعله، وتغاشت أبضار الملوك عن الصعود إلى محلة. وذهل وغفل والخطب غير فأفل وعزم على الحج لأداء فرضة وارتقى بحركته إلى سمائه وقد قرب سكوته تحت أرضه وكان من أمره فيما باح القضاء بسره انه سير الأثقال وقدم الرجال، وحسب الأرزاق ولم يحسب الآجال وخرج في موكب تعنوا له وجوه نجوم الأملاك وتخبوا لشمسه نجوم الأفلاك وهو يتجلى في بهو جلاله وهو حليته حالته كالبدر في هالته. وأمر أن لا يحجب عنه مظلوم ولا يمنع عنه مهضوم ولا يبعد ذو غصة ولا رافع قصة. فانه قد خرج من بيته إلى الله مهاجرا وإلى بيته الحرام سايرا فوقف له في مضيق غربي دجلة كهل فيه جرأة وكفر وجهل، وفي يده قصة عليها يتحدث وبها يتغوث وهو يصرخ ويقول لا اسلم قصتي من يدي إلا إلى يد مولانا الوزير فهو كهف المضيم، ومويل المستجير. فقال: دعوه ولا تمنعوه فاوما ليوصل قصته فانتهز فرصته وقرب نحوه وضربه بمدية وهتك حجاب روحه وغادره لقي بجرحه.

<<  <   >  >>