وبدر كمال الدين أبو الفضل بن الوزير فقتل قاتل أبيه بسيفه وكان مع ذلك الجاهل رفيقان فخرجا ومعهما سكينان فجرح أحدهما صاحب الباب بموافقة الوزير في شهادة الوفاة فعثا الملاحدة وقطعوهم واحرقوهم قبل دخولهم النار بالنيران وختم الله للوزير بالشهادة وفاز في عليين بالشهادة فاستقل ظهير الدين أبو بكر منصور بن نصر العطار صاحب المخزن بالدولة وكان لسلطاننا ظهيرا، وللملك الناصر نصيرا وكان الرسل قد مضوا إلى الوزير فلم يصادفوه وتولى ظهير الدين أمرهم فألفوه في الاعتناء بالأمر كما ألفوه. وكان المندوب في الرسالة القاضي ضياء الدين الشهرزوري فانه كان يترشح وبادريتها يتوشح ورأى السلطان فيه يترجح فتعين للرسالة وسار بقوة القلب والبسالة فلقي من ظهير الدين ما دنا به من الظهور وحصل منه على الوفر الموفور والعرف المشكور واقتضت المهام مقامه هناك عدة من الشهور، وكانت من الأنعام الامامى وظيفة داره، ومبرته به وبمن معه باره. وكانت ميماومته بالدنانير الأمامية تبلغ العشرين فازا انقضى الشهر تضاعف مائين وذلك سوى وظايف الطعام والعلوفة والأغنام وسوى التحف والهدايا والتشريفات وما وصله من الصلات سفر به وشرف من نقود النفقات كان السلطان قد نفذ معه على عادة انفاذه كل سنة إلى أعيان العراق وأمثاله واكارمه وأفاضله والعلماء والشعراء والمتصوفة من الفقراء عطايا وهدايا وخلعا وتشريفات وسنايا. وربما بلغ المبلغ الوفا يسري بها إلى ذوي المعروف معروفا.
[ذكرى مكرمة ههنا]
قال: جئت إلى الصفا بن القابض المتولي والخازن وقلت له أطلعني على أسماء الذين سيرتم إليهم العطايا على يد الرسول فتلقى قوله بالقبول فلما تأملت الدستور فقدت له: ههنا خمسة أسماء جماعة من الأصدقاء قد أهملت في العطايا فقلت له: ههنا خمسة أسماء لم يجر ذكر (١٩٣ ب) ويغتنم لهم حمد ودعاء وشكر فقال: كم نصيبهم فقلت مبلغ مائتي دينار فلم يقابل قولي بإنكار فوزنها وحدها وسلمها إلى عدنان النجاب وقال: الحق بها الرسول وخذ منه بها الوصول. فقلت له هلا استأذنت السلطان فقال قولك المقبول والسلطان لا يقول في هذا ما لا تقول.
فصل من إنشاء الفاضل في مطالعة إلى السلطان النوبة الحادثة للوزير عضد الدين نوبة نابية راجعة فاجعة واعظة رادعة " وما ربك بظلام للعبيد" فقد كان عفى الله عنه قتل ولدي الوزير ابن هبيرة رحمه الله وأزهق أنفسهما وجماعة لا يحصى.
من ير يوما يريه والدهر لا يغتر به
وهو من ذرية لم تزل قاتلة مقتولة وما زالت السيوف عليها ومنها مسلولة فهم في هذه الحادثة المسمعة المصمة كما قال: دريد أبى القتل إلا آل صمة والأبيات المولى يحفظها وهي في الحماسة ومنها:
أبى القتل إلا آل صمة أنهم ... أبوا غيره والغدر يجري إلى القدر
قسمنا بذلك الدهر شطرين ... بيننا فما ينقضي إلا ونحن على شطر
وقد ختمت له السعادة بما ختمت به له الشهادة لا سيما وهو خارج من بيته إلى بيت الله قال سبحانه " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ".
أن المساءة قد تسر وربما ... كان السرور بما كرهت جديرا
أن الوزير وزير آل محمد ... أودى فمن يشناك كان الوزيرا
هذان البيتان قالهما شاعر في أيام السفاح أبى العباس أول خلفاء بني عباس في وزيره أبى سلمى بن الخلال، وكان دعامة دولتهم وقام دعوتهم ولذلك قصة طويلة.
[ذكر عز الدين اقبورى وعوده]
قال: قد سبق ذكر الأمير عز الدين اقبورى بن ارغش وانه في نوبة قطب الدين قايماز خرج وخلى ببغداد من أمواله وذحايره القناطر المقنطرة فاعتنى به السلطان وكرر الشفعة في حقه ورد سناه من رضاء الديوان العزيز إلى افقه، وسفره بأمواله وسيره بإجلال، وسمع في طريقه باستشهاد الوزير فجبنت نفسه وزال بالعودة إلى بغداد انسه فلما وصل كتابه اخلف في أمره حسابه.
من كتاب فاضلي في معناه. وما للمماليك حاصل الاهتمام به واستثبات النظر في أمره أمر الأمير عز الدين اقبوري وعودته وضعف نفسه وكان سبيله أن يتوكل ويقدم فان ذمة المولى ما كانت تخفر فيه والقاتم الآن مقام الماضي صاحب غير متهم المودة وبالجملة المخاطر كثير الخواطر ومالي غير هذا الرأس رأس.