قال: كان صاحبها شهاب الدين مالكبن علي بن مالك من آل عقيل من بنى المسيب نازلا في مناط الكوكب سامي المرقى (١٩٦ ب) والمرقب وهي التي قتل زنكي بن آقسنقر وهو على حصارها وتحقق عند الناس أن القدر من أنصارها. فاغتر برقدات عيون الليالي عنه ونزل فيها مسترسلاً وقصد أن يتصيد فتقتنصه ينو كلب وتقربوا به إلى نور الدين وذلك في رجب سنة ثلاث وستين فلم يزل عنده بحلب محبوساً وبعين حفظه محروساً فتارة يرغب وآونه يرهبه، مرة يعده يوعده. وسير فخر الدين بن مسعود الزغفراني فحصرها ودام الحصار وأبطأت في استفتاحها الأقدار ومضى مجد الدين أبو بكر أكبر أمراء نور الدين وهو رضيعه وصنيعه فلم ير له في فتحها مجالا فلم يزل يتوسط مع صاحبها حتى أصحب بعد جماحه واشتط فيما اشترطه من اقتراحه وهو سروج بأموالها والملوحة وأدوم والباب بأموالها وعشرون ألف دينار فإذا تعجل له ذلك كله وحصل من اليمن على استظهار سلم القلعة عن اختبار منه وإيثار فأخذ جميع ما شرط وسلم القلعة في صورة مكره في صورة مختار.
قال: ودخلت سنة أربع وستين وخمسمائة وتسلم مجد الدين قلعة جعبر وصعد إليها يوم السبت منتصف المحرم ووصل كتابه إلى حلب فسار نور الدين وأنا في خدمته وطلع إلى القلعة يوم الخميس العشرين من محرم فأنشدته هذه القصيدة قلت ومنها.
اسلم لبكر الفتوح مفتوحا ... ودم لملك البلاد منتزعا
كان قيماً منها على الفلك الأعلى ... شهابا بنوره صدعا
لكنما الشهب ما تنير ... إذا لاح عمود الصباح فانسطعا