قال: لما عرف صاحب الموصل ما تسنى لنا من فتح آمد وحلب وتيسر كل ماأراده السلطان وطلب خطر بباله خطر البلوى وعود العدوى فمال إلى الإستعطاء والإستعطاف وشرع في استعساء رسله للإستعساف واستدعى من الديوان العزيز إرسال شيخ الشيوخ للإستشفاع لعلمهم أنا لا نرى إلا الإئتمار بالطاعة للأمر المطاع وندب قاضي القضاة محى الدين أبا حامد محمد ابن محمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزورى للرسالة من جانبه وأناط بسعيه نجح مطالبه فجاء في جاه أنيق ولسان دليق وترفع وتعزف وتقنع وتقشف وترق في ذروة الخطاب بحلو اّية على سريرة نبرة الخطابة ولو تخلق بخلق مرسله في الدفع بالتواضع لكفي الغرض وشفي المرض فإنه لما وصل لزمه ناموسه وأطال في محل بستانه جلوسه واظهر كأنه الأمين نزل بالوحي من السماء وجاز بالعطارد في بيته بالجوزاء ولم يأخذ في طريق الاستحذاء وظن أن ذلك لمخدومه نصيحة وخدمة وبغية صحيحة على أنه السلطان قابل شدته باللين وأعطى يمينه على أخذ اليمين فاشتط واشترط وكلما قاربناه شحط وكلما أرضيناه سخط وكلما توخينا جامعا للمصالح أبى ألا مراده المارد ولم يوافق مصادره الموارد ولو أنه تلطف واستعطف حصل المخطوب ووصل المطلوب وتأكدت العقود وتمهدت العهود لكنه الزم ما لا يلزم وجزم ما لا يجزم وعين شرطا له مانع وفيه منازع.