للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكل أَمْر ويُطيعه؛ أَنْشد شَمِر: إِذا طلَعت الشِّعرى سَفَراً فَلَا تُرسل فِيهَا إمَّرة، وَلَا إمَّرَا.

قَالَ: مَعْنَاهُ: لَا تُرسل فِي الْإِبِل رجلا لَا عقل لَهُ يُدَبِّرها.

والإمّرُ: الأَحْمق.

وَقَول الله جلّ وعزّ: {قَالَ يامُوسَى إِنَّ الْمَلَاَ يَأْتَمِرُونَ} (الْقَصَص: ٢٠) .

قَالَ أَبُو عُبيدة: أَي يتشاورون فِيك لَيقْتلوك، وَاحْتج بقول النَّمر بن تَولب:

أحارُ بن عَمْرو كأنِّي خَمِرْ

ويَعْدُو على المَرء مَا يَأْتَمِرْ

قَالَ القُتيبي: هَذَا غَلط، كَيفَ يعدو على الْمَرْء مَا شاور فِيهِ، والمُشاورة بركَة.

وَإِنَّمَا أَرَادَ يعدو على الْمَرْء مَا يَهُم بِهِ من الشَّر.

قَالَ: وَقَوله: إنَّ الْمَلأ يأتمرون بك أَي يَهمّون بك؛ وأَنْشد:

اعْلمن أَن كُلّ مُؤْتَمِر

مُخْطىء فِي الرّأي أَحْيَانَا

قَالَ: يَقُول: مَن ركب أمرا بِغَيْر مَشُورة أَخطَأ أحْياناً.

قَالَ: وَقَوله تَعَالَى: {أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ} (الطَّلَاق: ٦) بِهِ أَي هُمّوا واعْتَزموا عَلَيْهِ، وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ أَبُو عُبيدة لقَالَ: يتأمَّرون بك.

وَقَالَ الزّجّاج: معنى قَوْله جلّ وعزّ: {إِنَّ الْمَلَاَ} (الْقَصَص: ٢٠) أَي يأمرُ بعضُهم بَعْضًا بقَتلك.

قلت: يُقال: ائتمر القومُ، وَتَآمَرُوا، إِذا أَمر بعضُهم بَعْضًا.

كَمَا يُقَال: اقتتل الْقَوْم وتقاتلوا، واختصموا وتخاصموا.

وَمعنى يأتمرون بك أَي يؤامر بَعضهم بَعْضًا، كَمَا يُقَال: اقتتل الْقَوْم وتقاتلوا، واختصموا وتخاصموا.

وَمعنى يأتمرون بك، أَي يُؤامر بَعضهم بَعْضًا فِيك، أَي فِي قَتلك.

وَهَذَا أحسن من قَول القُتيبي إِنَّه بِمَعْنى يهمّون بك.

وَأما قَوْله تَعَالَى: {أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ} (الطَّلَاق: ٦) فَمَعْنَاه وَالله أعلم: لِيَأْمر بعضُكم بَعْضًا بمَعروف؛ وَقَوله:

اعْلمن أَن كُل مُؤْتمر

مَعْنَاهُ: إِن من ائتمر رَأْيه فِي كل مَا يَنْويه يخطىء أَحْيَانًا.

قَالَ شمر: مَعْنَاهُ: ارتأى وشاور نَفسه قبل أَن يُواقع مَا يُريد.

قَالَ: وَقَوله:

اعلمن أَن كُل مؤتمر

<<  <  ج: ص:  >  >>