للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزَّندُ يَوْرَى.

قَالَ: وَسمعت أَبَا الْهَيْثَم يَقُول: أَوريت الزَّند، فَوَرَتْ تَرِي وَرْياً ورِيةً.

وَقد يُقال: وَرِيت تَوْرَى وَرْياً ورِيةً.

وزَنْدٌ وارٍ؛ وَأنْشد:

أُمِّ الهُنَيْنَيْن من زَنْدٍ لَهَا وارِي

وَأما قَول لَبِيد:

تَسْلُب الكانِسَ لم يُورَ بهَا

شُعْبةُ الساقِ إِذا الظِّلُّ عَقَلْ

رُوي: لم يُورَ بهَا، وَلم يُورأ بهَا، وَلم يُوأَر بهَا.

فَمن رَوَاهُ لم يُورَ بهَا، فَمَعْنَاه: لم يَشعر بهَا، وَكَذَلِكَ: لم يُورأ بهَا، يُقال: وَرَيتُه، وأَوْرأتُه، إِذا أعْلَمته. وَأَصله من وَرَى الزّند، إِذا ظَهرت نارُها؛ كَأَن نَاقَته لم تُضىء للظَّبْي الكانِس وَلم تَبِنْ لَهُ فَيَشعر بهَا لسُرعتها، حَتَّى انْتَهَت إِلَى كناسه فندَّ مِنْهَا جافلاً؛ وأنشدني بَعضهم:

دَعاني فَلم أُورَأ بِهِ فأَجَبْتُه

فمدَّ بئَدْيٍ بَيننا غَير أقْطَعا

وَمن رَوَاهُ: لم يُوأر بهَا، فَهِيَ من: أُوار الشَّمْس، وَهُوَ شدّة حرّها، فقلبه، وَهُوَ من التَّنْفِير.

أور: يُقَال: أوأرته فاستوأر، إِذا نَفَّرته.

وَقَالَ الفَرّاء فِي كِتَابه فِي (المصادر) : التَّوراة من الفِعل: التَّفْعِلة؛ كَأَنَّهَا أُخذت من: أوريت الزِّناد، وورّيتها؛ فَتكون تَفْعلة فِي لُغة طيىء، لأَنهم يَقُولُونَ فِي التوصية: تَوْصاة، وللجارية: جاراة، وللناصية: ناصاة.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي التَّوْرَاة: قَالَ البصريون: توراة أَصْلهَا فَوْعَلة، وفَوعلة كَثِيرَة فِي الْكَلَام، مثل: الحوصَلة، والدوخلة. وكُل مَا قلت فِيهِ فوعلت فمصدره: فوعلة. فالأَصل عِنْدهم: وَوْراة. وَلَكِن الْوَاو الأولى قُلبت تَاء، كَمَا قُلبت فِي تَوْلج وَإِنَّمَا هُوَ فَوْعل من: وَلجت؛ وَمثله كثير.

وَقَالَ غَيره: واستوريت فلَانا رَأيا، أَي طلبت إِلَيْهِ أَن ينظر فِي أَمْرِي فيستخرج رَأيا أمْضى عَلَيْهِ.

والوَرِيّ: الضَّيف؛ وَقَالَ الأَعشى:

وتَشُدّ عَقْد وَرِيِّنا

عَقْدَ الحِبَجْر على الغِفَارَه

قَالَ: وسُمِّي وريّاً، لأنّ بَيْته يُواريه.

يُقَال: واريته، وورّيته، بِمَعْنى وَاحِد.

قَالَ الله عزّ وَجل: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} (الْأَعْرَاف: ٢٠) أَي سُتِر، على فُوِعل.

وقرىء: ورُوي عَنْهُمَا، بِمَعْنَاهُ.

والواري: السَّمِين من كُل شَيْء.

وأَنْشد شمرٌ لبَعض الشُّعراء يَصف قِدْراً:

<<  <  ج: ص:  >  >>