للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَيْسَ من المُشاورة، وَلَكِن مَعناه، إِذا أَبْصرهم النّاس صَلّوا، وَإِذا لم يَرَوهم تَركوا الصَّلاة.

وَمن هَذَا قَول الله عز وَجل: {بَطَراً وَرِئَآءَ النَّاسِ} (الْأَنْفَال: ٤٧) .

وَهُوَ المُرائي، كأنّه يُرِي الَّذِي يَراه أَنه يَفْعل وَلَا يفعل بالنيّة.

وَأما قَول الفَرزدق يهجو قوما ويَرمي امرأَةً مِنهم بِغَيْر الجَمِيل:

وبَات يُراآها حصاناً وَقد جَرَتْ

لنا بُرَتاها بالّذي أَنا شَاكره

قَوْله: يُراآها: يظنّ أَنَّهَا كَذَا. وَقَوله: لنا بُرتاها، مَعْنَاهُ: أَنَّهَا أَمكنته من رِجْلَيها.

قَالَ شَمر: الْعَرَب تَقول: أرى الله بفلانٍ، أَي أرى الله الناسَ بفُلَانِ العذابَ والهلاك، وَلَا يُقَال ذَلِك: إِلَّا فِي الشَّرّ؛ وَقَالَ الْأَعْشَى:

وعَلِمت أنّ الله عَمْ

داً خَسَّها وأَرَى بهَا

قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أرى الله بهَا أعداءها مَا يَسُرهم؛ وَأنْشد:

أرانا الله بالنَّعَم المُنَدَّى

وَقَالَ أَبُو حَاتِم نحوَه.

ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تَراءى نارَاهُما) .

قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ: أنّ المُسلم لَا يَحلّ لَهُ أَن يَسْكن بِلَاد المُشركين فَيكون مَعَهم بقَدْر مَا يَرى كُلُّ واحدٍ مِنْهُم نَار صَاحبه.

وَيُقَال: تراءينا، أَي تلاقينا فرأيتُه ورآني.

وَقَالَ: أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله: لَا ترَاءى ناراهما، أَي لَا يَتَّسم المُسلم بِسمة المُشْرك وَلَا يَتَشَبَّه بِهِ فِي هَدْيه وشَكله، وَلَا يتخلّق بأخلاقه، من قَوْلك: مَا نارُ بَعِيرك؟ أَي مَا سِمَته؟

وَيُقَال: دَاري تَرى دَار فلَان، أَي تقَابلهَا؛ وَقَالَ ابْن مُقْبِل:

سَلِ الدّارَ مِن جَنْبَي حَبِيرٍ فواحِفٍ

إِلَى مَا رَأى هَضْبَ القَلِيب المصَبَّح

أَرَادَ: إِلَى مَا قابَله.

قَالَ الْأَصْمَعِي: رأسٌ مُرْأى، بِوَزْن مُرْعًى، إِذا كَانَ طَوِيل الخَطم فِيهِ شَبيه بالتَّصْويب، كَهَيئَةِ الإبْريق.

وَقَالَ ذُو الرُّمّة:

وجَذْب البُرَى أَمْرَاس نَجْرَان رُكِّبت

أواخِيُّها بالمُرْأَيات الزَّواحِف

يَعْنِي أواخيّ الأمراس، وَهَذَا مَثل.

والرّاية: العَلم، لَا تهمزها العربُ، وَتجمع: رايات، وَأَصلهَا الهَمز.

وَيُقَال: رَأَيْت رايتَه، أَي رَكَزتُها.

وَبَعْضهمْ يَقُول: أَرْأَيتها، وهما لُغتان.

وَقَالَ اللَّيث: الرَّايَة، من رايات الْأَعْلَام.

وَكَذَلِكَ الرَّايَة الَّتِي تجْعَل فِي العُنق.

<<  <  ج: ص:  >  >>