فَلَيْسَ من المُشاورة، وَلَكِن مَعناه، إِذا أَبْصرهم النّاس صَلّوا، وَإِذا لم يَرَوهم تَركوا الصَّلاة.
وَمن هَذَا قَول الله عز وَجل: {بَطَراً وَرِئَآءَ النَّاسِ} (الْأَنْفَال: ٤٧) .
وَهُوَ المُرائي، كأنّه يُرِي الَّذِي يَراه أَنه يَفْعل وَلَا يفعل بالنيّة.
وَأما قَول الفَرزدق يهجو قوما ويَرمي امرأَةً مِنهم بِغَيْر الجَمِيل:
وبَات يُراآها حصاناً وَقد جَرَتْ
لنا بُرَتاها بالّذي أَنا شَاكره
قَوْله: يُراآها: يظنّ أَنَّهَا كَذَا. وَقَوله: لنا بُرتاها، مَعْنَاهُ: أَنَّهَا أَمكنته من رِجْلَيها.
قَالَ شَمر: الْعَرَب تَقول: أرى الله بفلانٍ، أَي أرى الله الناسَ بفُلَانِ العذابَ والهلاك، وَلَا يُقَال ذَلِك: إِلَّا فِي الشَّرّ؛ وَقَالَ الْأَعْشَى:
وعَلِمت أنّ الله عَمْ
داً خَسَّها وأَرَى بهَا
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أرى الله بهَا أعداءها مَا يَسُرهم؛ وَأنْشد:
أرانا الله بالنَّعَم المُنَدَّى
وَقَالَ أَبُو حَاتِم نحوَه.
ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تَراءى نارَاهُما) .
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ: أنّ المُسلم لَا يَحلّ لَهُ أَن يَسْكن بِلَاد المُشركين فَيكون مَعَهم بقَدْر مَا يَرى كُلُّ واحدٍ مِنْهُم نَار صَاحبه.
وَيُقَال: تراءينا، أَي تلاقينا فرأيتُه ورآني.
وَقَالَ: أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله: لَا ترَاءى ناراهما، أَي لَا يَتَّسم المُسلم بِسمة المُشْرك وَلَا يَتَشَبَّه بِهِ فِي هَدْيه وشَكله، وَلَا يتخلّق بأخلاقه، من قَوْلك: مَا نارُ بَعِيرك؟ أَي مَا سِمَته؟
وَيُقَال: دَاري تَرى دَار فلَان، أَي تقَابلهَا؛ وَقَالَ ابْن مُقْبِل:
سَلِ الدّارَ مِن جَنْبَي حَبِيرٍ فواحِفٍ
إِلَى مَا رَأى هَضْبَ القَلِيب المصَبَّح
أَرَادَ: إِلَى مَا قابَله.
قَالَ الْأَصْمَعِي: رأسٌ مُرْأى، بِوَزْن مُرْعًى، إِذا كَانَ طَوِيل الخَطم فِيهِ شَبيه بالتَّصْويب، كَهَيئَةِ الإبْريق.
وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
وجَذْب البُرَى أَمْرَاس نَجْرَان رُكِّبت
أواخِيُّها بالمُرْأَيات الزَّواحِف
يَعْنِي أواخيّ الأمراس، وَهَذَا مَثل.
والرّاية: العَلم، لَا تهمزها العربُ، وَتجمع: رايات، وَأَصلهَا الهَمز.
وَيُقَال: رَأَيْت رايتَه، أَي رَكَزتُها.
وَبَعْضهمْ يَقُول: أَرْأَيتها، وهما لُغتان.
وَقَالَ اللَّيث: الرَّايَة، من رايات الْأَعْلَام.
وَكَذَلِكَ الرَّايَة الَّتِي تجْعَل فِي العُنق.