ميدان القلم الحر وساحات العلم الموضوعي. . . أما الذين يعيشون ليفكروا التفكير السليم فإن فكرهم السليم ذاك هو وحده قائدهم لا شك أن العلم والموضوعية والحقائق. . . فيجب أن لا يخافوا ولا يتراجعوا وليؤمنوا بثقة تامة أنهم ماداموا في أفق الفكر المجرد والمنطق السليم فإنهم دوماً وأبداً فوق الهيئات وفوق الأحزاب وفوق الجزئيات في سموات الكليات. . . وعلى هذا فكل فكر كلي سيلتقي لاشك مع كل فكر كلي آخر في سماء واحدة مهما كانت الصفات الجزئية والاختلافات السطحية والمظاهر البالية. . .
ونحن في سورية أشد ما نكون احتياجا إلى معرفة أنفسنا وتربيتها تربية صحيحة وتوجيهها نحو الاجتماع بمثيلاتها في سماء واحدة لتوحد الجهود وتتضح الاتجاهات ولينتصب العمل المبدع المثمر في وطننا. . . إن المتعلمين في بلادنا تنقصهم مواهب نفسية تربوية لتدعم علمهم ولتدمجه في أعمالهم. . . فلا يكفينا أن نعرف لنكون في صف من يعرفون بل لابد لنا من أن نعرف ونعمل بحسب ما نعرف، ونفصل من يعرف عمن لا يعرف حتى نسمح لأنفسنا أن نقول بتواضع نحن مثقفون. . .
ومتى صار عندنا الوعي الثقافي الكافي بضرورة تضافر الفكر مع الفكر والعلم مع العلم والعمل مع العمل والمنطق مع المنطق في سبيل إنشاء قومية محترمة. ولاشك أننا سنتعاضد عندئذ ونتساند ونتشارك ونبدع وسنختلف في الأساليب التطبيقية ولكننا لن نحيد عن توجيه أساليبنا نحو هدف واحد يلتقي في الموضوعية العلمية والعمل المبدع والفكر الصحيح. . . في المعرفة الحقة. . .
وعندما يتم لنا مثل هذا الوعي سوف ننبذ التحاسد والتكالب والتنافس في الإيذاء وفي تعطيل الأعمال لنوجه هممنا نحو البناء. . نحو الإنشاء والتكوين والإيجاد والإيجابية والتفاؤل لا نحو الإضرار والتعطيل والتخريب والتوقيف وجر العربة إلى الخلف. . . عندئذ سنحكم على المجلات من وراء دراستنا لما فيها وعلى الأشخاص من وراء أعمالهم النافعة وعلى الكتاب من وراء علمهم وفنهم، وسوف لا تمتعنا الحجب والأنانية العمياء عن رؤية حسنات الخصم بقدر ما نرى عيوب أنفسنا. . . وعندئذ فقط سنعيش عندنا المجلات والصحف والشركات والمؤسسات والدواوين والدول أيضاً. . .