هنالك من يعتقد، أننا نكافح الأمية والجهل في بلادنا، كما تكافحها الأمم الراقي، التي تدفع حكوماتها، غوائلهما عن شعوبها، وتنقذها من براثنهما، ولا تدعهما يخنقان كل أمل في النهوض. ولا شك بأن صاحب هذا الاعتقاد، لا ينظر إلى مدى أبعد من أفق مدينته، حتى هذه المدينة ذاتها تتطلب عدداً وافراً من المدارس ضعف المدارس الخالية. . . فإن كانت الضرائب تضيق - ولا أظنها تضيق - عن هذا الواجب الأول من واجبات الدولة فيجب أن تزداد حتى تتسع له وتفيض.
إن الأمة لا تفهم كيف يعود ولي التلميذ خائباً من المدرسة لأنه لم يجد مكاناً لابنه!، أليس من حق جميع أبناء الأمة أن يتعلموا مجاناً؟ إن العلم حق لهم وواجب الحكومة أن تعلمهم، لاسيما أبناء الفقراء وأبناء الطبقة الكادحة وواجب الحكومة أن تفعل هذا، لا أن تغلق أبواب المدارس في وجه أبناء الشعب المعوزين وتضن بمال الشعب في سبيل افتتاح المدارس!!. الوطن بحاجة إلى العلم قبل كل شيء ومن أهم واجبات الدولة إيجاد مدارس تستوعب أبناء الأمة، وتشملهم بالرعاية والتوجيه. فهل تُغرس تلك الأزهار في الطرقات؟ أم في المدارس الموكول إليها مصائر هذا الجيل!.
الغرض الوحيد من وجود وزارة التربية والتعليم افتتاح المدارس، والسير بها نحو الكمال. بينما تعاني المدارس في بلادنا أزمة عامة في أغلب نواحيها. إن أزمة (القيد والقبول) في مطلع كل سنة، كافية لأن تظهر رغبة الشعب الملحة في فتح المدارس وبعث روح الجد والسمو فيها.
والذي يستلفت النظر، أن هنالك من يخشى ازدياد عدد المتعلمين الذين يرتمون في أحضان الوظائف دون أن يدركوا أنها أتعس وأذل طريق للأمل والطموح. فتلك نزوة ينبغي أن تحارب، ومحاربتها أمر سهل غير عسير، إذا نبذنا بدعة تسعير الموظف بسعر الشهادة التي يحملها، لا بسعر الكفاءة أو العمل الذي يؤديه. . . إن بدعة الشهادات وحدها ضاعفت عدد المتعلمين الذين يستجدون الوظيفة استجداءً، ويتوسلون لها بشتى الشفاعات، ولقد جنينا بهذه البدعة على مستقبل هؤلاء المتعلمين إذ أوصدنا أمامهم أبواب الكفاح الحر المثمر،