ولنتساءل عن مصير حب الولد لوالديه بعد هذه العواطف والثورات؟ لا يزول بل يتبدل. ينتقد المراهق حركات والديه ويهزا من بعض عادات غير إن الحب باقٍ رغم الأشكال الجديدة التي يظهرها بها هذا الحب. ويخجل، في بعض الأحيان، هؤلاء المراهقون من الأوضاع الشاذة التي قاموا بها أمام أهليهم، ويندمون ندما كبيرا.
ينبثق من هذه الحملة، على الأهل، ونقدهم، شغف بشخص علويّ، يشبه ولا شك الصورة التي يكونها المراهق عن نفسه، وتتلو ذلك عاطفة نحو صديق أو رفيق والخلاصة فإن حب المراهق لأهله يدوم حتى من الخامسة عشرة ثم يتحول هذا الحب اعتباراً من هذا السن حتى نهاية الأزمة نحو أفراد أخر.
الثورة ضد المدرسة: يقول طالب إن التربية هي ضلال رهيب: ومهمتها إخماد وقتل الميول، يرغب الأهل والمجتمع في جعل الناشئة كالنماذج المفروضة. لا يمكن تبديلها أو تحويرها، لا تظهر قيمة وشخصية المرء إلا بالتخلص من تأثير التربية العقيمة. يقول آخر التربية سذاجة، والمدرسة عديمة النفع، الأساتذة هم من عامة الناس، تحرم المدرسة الصبي حريته وجماله، نريد تهديمها.
تشتد هذه الثورة ضد المعيدين والإدارة لأنهم مكلفون في حفظ واحترام النظام. كتبت فتاة في الخامسة عشرة من عمرها في مذكراته ما يلي ينقلب العدل الكثير إلى ظلم، وأرى نفسي مضطرة أن أقول كغيري: كفى، كفى، كفى، إذ أشعر الآن بثورة داخلية عنيفة. إن هذه الأجوبة وغيرها تظهر مدى ثورة الطلاب على المجتمع اعتقادا منهم بان حريتهم مسلوبة، ولا يفهمهم أحد.
أما الثورة على الأستاذ فهي اقل عنفا، لأنه يسعى لتنمية الملكات العقلية لدى طلابه ويربي النفس ويوقظ الروح. يرى الطفل، قبل سن الخامسة عشرة، معلمه ذلك الهبل الذي يطلب كثيراً من الوظائف. ويصبح بالنظر للمراهق بعد هذا السن القائد الروحي، هذا إذا تمكن الأستاذ من فهم طلابه ومن تحبيبهم في درسه وإلا فإن العلم شيء مزعج.
إن الثورة على المدرسة كالثورة على العائلة تؤدي إلى هرب غير إن هذا الهرب أقل