إن حياتنا المدرسية لم تكن جميعها شقاء بشقاء بل هناك كثير من الساعات الجميلة والدروس الممتعة ولكن ساعات السرور قصيرة مهما طالت بعكس ساعات الألم والشقاء فهي طويلة مهما قصرت وفوق هذا لا تنسى مهما طال عليها الأجل. كما أنني أكون جاحدة إذا سهوت عن ذكر أساتذة ومعلمات في مراحل دراستنا الثلاث مثلاً أعلى في التدريس والثقافة والأخلاق.
وبالنهاية تركنا الدراسة ونحن نظن أننا تركنا الشقاء والسهر إلى الراحة والطمأنينة والنوم وإذا العكس بالعكس، كنا نشقى بأنفسنا وإذا بنا نشقى بثلاثين نفساً، كنا نتحمل مسؤولية نفس واحدة وأما الآن مسؤولية نفوس عديدة يتوقف علينا ولا وجداننا مستقبلها ومستقبل الوطن فيا لها من مهنة جليلة وممتعة بآن واحد.
أولا يكون ممتعاً أن تترك الرياء والخداع في محيطنا عدة ساعات من النهار وتحيا بين السذاجة والبراءة؟ وأن تلقي معلومات على نفوس غضة فتفرح لتقبلها وتتشجع لغيرها وأن تسمع لشكواهم وتصغي لمشاكلهم وتحلها لهم؟
وأن تتقبل تلك النكات المملة والأسئلة البديهية برحابة صدر كما تحملها منك بعض أساتذتك؟
أوليس جميلاً حقاً أن تبتعد عن تلك المواقف التي طالما كنت تتألم منها وتشكو، من جهة أساتذتك؟
فلله ما أعظم السعادة التي نشعر بها بين هذه النفوس البريئة!. . . فلكل من التدريس والدراسة إذن لذته وألمه هذا كل شيء في الحياة.
ولكن والحق يقال كأن الآلام التي لقيناها والجهود التي بذلناها وقت الدراسة قد دفنت في اللاشعور فأصبحنا لا نشعر إلا بالساعات السعيدة التي قضيناها والتي لا بد وأن تظللها أحياناً سحابة الألم المكبوت تلك السحابة التي لا تلبث وأن تمر بسرعة تحت ضغط حنين جامح لا سبيل لإيقافه، حنين إلى الدراسة ولم تبتعد عنها بعد، ما حنين يشبه ذاك الذي يشعر به الغريب في غربته والظمآن في فقره والطفل لأمه. وهكذا فنحن في حنين وذكرى