لا يشكّ أحدٌ بفائدة التعاون بين البيت والأسرة وما لهذا التعاون من نفعٍ عظيمٍ يعود على التلميذ بأعظم الفوائد وأشهى الثمار.
وللبيت وظيفةٌ أخرى أعظم وأهم وهي التوجيه العام وهو على أنواع: ١ التوجيه القومي ٢ التوجيه الأدبي ٣ التوجيه الفني ٤ التوجيه العملي.
أما التوجيه القومي: وأقصد به محبّة أمّتنا العربية فهذا يكون بسرد قصصٍ عربيةٍ جميلةٍ يعرضها الأب بحديثٍ مناسبٍ وفي أوقات الفراغ والتسلية فإذا أراد أن يتحدّث عن الجرأة فليذكر قصّة خالد بن الوليد ومعاركه التي تعرّض فيها لشتّى الأخطار ثمّ مات على فراشه، أو قصّة طارق بن زياد وفتح الأندلس، وإذا أراد أن يتحدّث عن التضحية فليذكر بذل الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي جميع أموالهم وأرواحهم في سبيل الجهاد، وإذا أراد أن يتحدّث عن الثبات والصبر فليتحدّث عن النبي (ص. ع) وما لاقاه من اضطهاد وتعذيب وهجرة حتى آمن بفكرته ومبدأه العرب.
وأحسن من ذلك أن يحوي في مكتبته تراجم أولئك الأبطال الذين خلّفوا هذا التراث العظيم والمجد الخالد ويحبّب ولده بمطالعتها. وأرى أن يحتفظ بصور القادة وزعماء النهضة والبعث الفكري في شتّى أدوار النهضة القديمة والحديثة.
أما التوجيه الأدبي: فأقصد به تنمية الذوق الأدبي الناشئ، وذلك يكون بتكليف الأب لولده بانتخاب بعض المقطوعات الأديبة ليمتحن ذوقه ثمّ يكلّفه بمقارنتها مع غيرها وإيجاد الفرق بينهما ليتحسس بجمال الأساليب الأدبية، وأن يحمله على الجرأة الأدبية منذ الحداثة، فيطلب منه في أحد المجتمعات ارتجال بعض الأبيات الأدبية الجميلة التي تناسب المقام أو الفصول. وكلّما نما نمت ثروته الأدبية واللغوية فإذا تكوّنت مداركه وازداد وعيه حمله على الخطابة، فإنشاء المحاورات والمباريات الأدبية الجميلة بينه وبين إخوته، وإن أمكن أن يستصحبه للمحاضرات ويحمله على الاشتراك بالمجلاّت.
أما التوجيه الفنّي: فأقصد به إنماء التحسس بالجمال، وهذا يكون بتعويده وتعليمه العزف على إحدى الآلات الموسيقية وعلى الرسم والتلوين والخطّ، وأن يطلعه على آثار بعض