خرج الزُّهريُّ من عند هشام بن عبد الملك فقال: ما رأيت كاليوم ولا سمعت كأربع كلمات تكلم بهن رجل عند هشام دخل عليه فقال: يا أمير المؤمنين! احفظ عني أربع كلمات فيهن صلاح ملكك واستقامة رعيتك، قال: ما هن؟ قال: لا تعد عدة لا تثق من نفسك بإنجازها، ولا يغرنك المرتقى وإن كان سهلاً إذا كان المنحدر وعراً، واعلم أن للأعمال جزاءً فاتق العواقب، وأن للأمور بغتات فكن على حذر. قال عيسى بن دأب: فحدثت بهذا الحديث الخليفة المهدي وفي يده لقمة قد رفعها إلى فيه فأمسكها وقال: ويحك! أعد علي، فقلت: يا أمير المؤمنين أسغ لقمتك، فقال: حديثك أشهى إلي.
هكذا كان الخلفاء يؤيدون حرية المناقشة ويبسطون ألسنة الناس في صراحة القول والمباحثة ليستمعوا القول ويتبعوا أحسنه.