إن مهمة السنما الرئيسية هي التعليم وقد يجري بصورة مباشرة كما هو في السينما المدرسية كما أنه قد يجري أيضاً بصورة غير مباشرة كما هو في السينما القصصية والثقافية.
من الملاحظ غالباً أن كل محدث أتيح له أن يتحدث عن السينما - بمختلف ألوانها سواء أكانت قصصية أم مدرسية أم ثقافية - بدأ كلامه بالحديث عن الحركة وما ذلك إلا لأن الحركة (كما سنبينه فيما بعد) هي قوام وعمادها.
ولكننا في الحديث عن هذا اللون من ألوان السينما وهو السينما المدرسية ينبغي لنا بصورة خاصة ألا نغفل هذا الأمر بل يجب علينا أن نفصله ونفيض فيه، لأن السينما ما كانت لتصبح ذات صلة وثيقة بالمدرسة لولا الحركة وهذا ما سنحاول بحثه الآن.
الإنسان والحركة
استخدم الإنسان في المراحل الأولى من التطور البشري الصور للتعبير عما يختلج بنفسه من المشاعر والأحاسيس وكانت هذه الصور بداية الفن لديه، ثم استلهم من الطبيعة الحركة فافتتن بها وادخلها على فنه ابتغاء الزيادة من قوة التعبير ثم لم تلبث أن أوحت إليه من شغفه به أن أحله موضع التقديس فكان وسيلته في إبداء إعجابه بما حوله من مظاهر الكون التي كان يقف حيالها حائراً ثم وسيلته في التخاطب مع آلهته بعد أن جعل لنفسه آلهة هذا الفن هو الرقص وبه أصبحت الحركة تشغل حيزاً هاماً من حياة الإنسان أي أنها أصبحت أداته في الكلام والعبادة والفن.
ويعلل العلماء ظاهرة افتتان الإنسان بالحركة إلى أنه وجد فيها سبيلاً جديداً من سبل المعرفة ففي الحركة معنى من معاني الحياة وبها يمتاز الحي عن غير الحي فلا غرابة أن تفتن الإنسان ومشكلة الحياة وسرها كانا ولا يزالان شغله الشاغل وما ينطبق على الإنسان في عهده الأول أي عهد طفولة الإنسانية ينطبق أيضاً على الطفل إذ أن الطفل في تصرفاته وأعماله ليشبه إلى حد كبير الإنسان في حب الاستطلاع وهي التي ينشأ عنها الميل إلى المعرفة ولكنه لا يعرف شيئاً يهديه إلى ذلك سوى الحركة فهي لديه كما كانت لدى الإنسان القديم العلامة الفارقة للشيء