قد يكون بعض عيوب نظام التعليم الابتدائي في سورية مرده إلى المناهج وأساليب تطبيقها، لأنه لا تتناسب مع مدارك الطلاب. بل ترهق أذهانهم ولا تنتمي فيهم حرية التفكير والمحاكمة، وتحد من النشاط والذكاء. والشيء المؤسف أن بعض أولي الأمر يقدرون المعلم الذي يستطيع أن يملأ عقول أطفاله بمعلومات جافة جامدة. مع أن من الواجب الاهتمام بالنتائج النفسية والخلقية التي أثارها المربي في طلابه بأسلوب جذاب وطرق عملية وتجارب شخصية. ومن الطبيعي أن المربي سواء أكان معلماً أم مفتشاً أم موجهاً، لا يستطع القيام بمهمة على الوجه الأكمل، إذا لم يكن ملماً الماماً كافياً بفن التربية وأصول التدريس.
فأصول تعليمنا لا تزال أصولا آلية، والمواد طويلة مسهبة يعسر على التلاميذ الصغار تفهمها حتى أن اختباراتنا ترتكز على حفظ الدروس، أي أنها تعتمد على ما تعي الذاكرة لا على الفهم والإدراك. والذي يهم أولي الأمر إنهاء المعلم المواد المقررة قبل مضي العام الدراسي، ولذا نرى المعلمين مضطرين_بناء على هذه الرغبة الخاطئة_أن يجعلوا هدفهم الانتهاء من تلك المواد المقررة قبل الاعتناء بأي شيء آخر. . . مع إن الغرض من التعليم إيقاظ الذهن وتدريبه وإعطاء التلميذ مفتاح المعرفة بعد توجيه وإرشاده، ليتيسر له فيما بعد التوسع معتمداً على نفسه ومواهبه فيزود عقله بما لا غنى عنه من الدروس الضرورية.
والحاجة اليوم ماسة إلى الإصلاح. والأمة ترقب ذلك، لأنها تمقت الرؤوس التي تتضخم على فراغها كالأسفنجة.
إن المدرسة تنفع بقدر ما تزود الجيل الصاعد بالعلم الصحيح. قد يبدو ذلك بديهياً، بيد أننا لا ندركه إدراكا تاماً. وآية ذلك تظهر جلية واضحة في المناهج والنظم التي يجدر بنا أن نلتمس خير الوسائل لإصلاحها وتعديلها، حتى يشعر التلميذ، بان المدرسة ليست قفصاً والمعلم ليس مخيفاً والدرس أو الأسئلة ليست أحجيات وألغاز. فعلى وزارة المعرف أن تسرع في الإصلاح، لينجو الجيل من المتاعب، ويتخلص من عيوبه ونقائصه، أو على الأصح، عيوب الأسرة والمجتمع. فقد كفانا ما عانيناه من فوضى سياسية التعليم.