لم نتعرض طيلة البحث إلى الناحية التربوية اللازمة. وعمدنا إلى دراسة الحوادث من الناحية النفسية كي نتمكن بعد إظهار الخطوط الأساسية والتعرف إلى بروز الشخصية من معالجة هذه الاضطرابات والسعي لتوجيه المراهقين توجيهاً بصيراً. فمعرفة مراحل المراهقة وسبر غور نفسية الناشئ تخفف من حدة الأزمة ولا شك. وعلى العكس فإن جهلها يزيد في تعقيدها. يجب إذن أن نبتعد عن الوقوع في الوقوع في الخطأ وعن الضغط على الحرية الفردية ونسعى لمعاملة كل مراهق حسب ما يقتضيه الظرف؟ إذ لكل واحد منهم خصائص فردية تحتاج إلى معالجته على حدة. ومن الضروري أن ننبه الأفكار بأن هذه الدراسات رغم عمقها وكثرتها لم تنته بعد ولم تعط إلا نتائج وقتية خاضعة للتبديل وللتحوير.
ومما لا شك فيه أن ثورة المراهق تظهر جليا للوالدين وللأستاذ، فما عليهم إلا الفهم، الفهم، والفهم حقا، عوضاً عن الخوف والاضطراب. لأن المراهقة تسبب مصادمة بين الراشد والناشئ، وينتج عدم الفهم زيادة في حدة الأزمة وزيادة في المشاحنة. ولقد لوحظ بأن الأقرباء والأساتذة من حيث العموم يعاملون المراهقين في سن الثورة النفسية كرجال أو كأطفال، ناسين أنهم مراهقين، لا يمكن معاملتهم كرجال لأنهم بأن يكونوا مثل سائر الرجال بل يختلفون عنهم. ولا يمكن معاملتهم كأطفال لشعورهم بقيمة شخصية كبيرة يرفضون معها الانقياد إلى أوامر الراشد.
والنتيجة فالعامل الأساسي في كسب ثقة الشباب هو فهم نفسيتهم ومخاطبتهم باللغة التي يأنسون بها، واحترام مثلهم العليا وحماستهم دون قسرهم على قبول وجهات نظرنا.
ولا نريد من ذلك أن يعمد الراشد إلى النزول إلى مستواهم لدرجة لينسى نعها أنه رجل، ثم يقبل لوجهات نظرهم، إنما نريد أن يظهر شخصية قوية. وحزما، وتفوقا في جميع الميادين. وبهذا يكون المثال الحي الذي يقتدى به بمجرد اختيار ورغبة، لا يعامل الضغط والقسوة. ويكفيه أيظهر عطفا على آراء بعض الطلاب لا لأنها أقوى من آرائه وأحصف، بل لأنها ملكهم ومن منتجات تفكيرهم. ولقد ذكر العالم مندوس: بأن ملاحظات الأستاذ