طالما أن التنافس الاقتصادي موجود والدفاع عنه في المؤتمرات من أهم واجبات المؤتمرين الذين اعتادوا السير بمقتضى الأساليب والوسائل القديمة التي كانت دائماً سبباً في إثارة الخلافات وفي النهاية الحروب، فإننا نرهف السمع لما يلقونه من خطب وبيانات وحجج لإثبات نظرياتهم العتيقة المبنية على حب الذات والأثرة وإساءة الظن بسواهم لتحقيق مآربهم ومطامعهم التي لا حد لها، فلا تجد فيها الخلاف والمساومة التي تنتهي بالحرب، مما دعا محبي السلم إلى إساءة الظن بهم وعدم الاطمئنان إلى هذا الطراز من الناس الذين أثبتوا عجزهم عن بناء قواعد السلم الدائم الذي يضمن العدل والرفاهية والأمن لكافة الشعوب الصغيرة والكبيرة على حد سواء. كما دعاهم للسعي وراء تأسيس مؤتمرات ثقافية حقيقية تؤلف من أناس ممن تشبعوا بروح سلمية ومبادئ إنسانية سامية لوضع قوانين لسلم دائم.
وإلا إذا ظلت الحال على ما هي عليه وبقيت قواعد التعليم والتربية هي هي، وظل الخوف والحرص على الحياة موجودين، وقواعد العليم لا توسع على أسس إنسانية قويمة تؤمن للجميع احتياجاتهم الضرورية ولثبت المطامع الفردية والعامة قائمة، وطالما أن الإنسان غير أمين على الحصول على ما يحتاج إليه إلا باستعمال الحيلة لأخذ ما في أيدي الناس، وطالما انه يضطر لاستعمال القوة أحياناً لتأمين حياته وحياة أفراد أسرته التي تصبح في حالة الفقر والعوز والمرض وفي النتيجة الموت المحتم إذا لم يحصل على ما يحتاج إليه في يومه وغده ومستقبله إلا عن هذا الطريق الأعوج، فإن كافة المؤتمرات والاجتماعات وكافة القوانين وكافة المواعظ والإرشادات وجميع التشبثات والتوسلات التي تتخذ من قبل هؤلاء الرجال الذين شبوا وشابوا على أساليب التربية القديمة المؤسسة على الأسس الاقتصادية المعلومة لإيجاد عالم يعيش بسلام على غير هذا الطراز الحالي، لا تجدي نفعاً