إن وظيفة التربية أن تخدم المجتمع بأن تهيئ له الأفراد القادرين بتعاونهم المنسجم أن ينتجوا أكبر إنتاج معنوي (خلقي، فكري) ومادي.
يدأب المربي على تهيئة هذه المادة الأولية الحية للمجتمع فيعمل على تنمية ما غرس الله في الإنسان من ملكات ومواهب ويعنى بها جميعا ويعمل على تقوية الميول والاستعدادات الصالحة وتوجيهها وجهة نافعة.
١) فهو يعنى بالناحية الجسمية من تلاميذه ويراقب نموهم الطبيعي ثم يسعى بالتعاون مع الأسرة لتقوية أجسامهم وتنشيطها وتهيئتها - قدر استطاعتها الأصلية، الموروثة - لخدمة العملية القوية ولتحمل أنواع النشاط العقلي الذي يكون الجسم إطارا له وركيزة يستند إليها.
٢) وهو يعنى بعد هذا بسائر ملكات التلميذ فيقوي فيه الملاحظة الدقيقة والذاكرة والخيال حتى يصل به إلى قوة الاستنتاج والاستنباط ثم إلى القدرة على الإبداع الفكري والفني.
٣) ويتوجه المربي في الوقت نفسه بهمة قوية دقيقة إلى تكوين شخصية تلمذة الخلقية وتنمية الاستعدادات الطيبة والميول الصالحة، بل وبعثها وإيجادها فيوجد فيه مثلا روح التعاون مع الجماعة بأن يشرك عددا من التلاميذ في عمل واحد يشعر كل واحد منهم إنه قام بجزء منه كالاشتراك في لعبة رياضية أو حل مسألة حسابية أو صنع أداة من الأدوات أو تحليل رحلة جغرافية يتناول كل منهم جانبا منها وكذلك الشعور بالتبعة أو المسؤولية فإن المربي يستطيع أن يوجد هذا الشعور أو بعثه في النفس فيعمل على إن يشعر التلميذ بمسائل متعددة كالمدح والترغيب والزجر والتأنيب والإشارة والتنبيه وغيرها إنه مكلف أن يقوم بهذا العمل أو ذاك أو ممنوع أن يقوم بذلك العمل الآخر لأنه ليس من شأنه أو لأنه عمل لا يليق به، ولا يجوز فعله. وهكذا الشأن في سائر الميول والعواطف الأخلاقية كمحبة الغير ومواساة الرفيق المجاور ومساعدة الضعيف ودفع الرغبة غير المحقة بالإدارة القوية وحب النظام ولا شك أن هذا العمل دقيق يحتاج إلى معرفة نفسية عميقة وإلى لباقة في التصرف ورحابة صدر ووسعة تفكير وهو كذلك خطير جداً عظيم النتائج فخطيئة مرب تكفي أحيانا ولاسيما إذا تكررت أن توجد لك من الولد المستعد بطبعه - بما أوتي من قوة