تناقش العلماء والكتاب كثيراً في هذا الموضوع، فمنهم من استند على الوثائق العلمية وأخذ من ماضي الكرة الأرضية عبرة واهتدى بها إلى نظرياته في المستقبل ومنهم من أذعن إلى الأساطير واقتنع بما جاءت به الكتب الدينية وما روته الأخبار.
لندرس الموضوع من ناحيته العلمية وهي أقرب الوجهين إلى العقل والمنطق.
إننا لا نجاري رأي الفلكيين في هذا الباب ولا نعتقد باصطدام مزعوم يقع بين الكرة الأرضية والنجوم المذنبة. وقد لاح لنا أن اصطداماً من هذا النوع نادر جداً في دوائر النظم السماوية. فالطبيعة لا تعرف الوثبات الفجائية: والجيولوجيون لا يعتقدون بحدوث ثورات فجائية، ولا يعيرون اهتماماً إلى الانقلابات الأرضية، لأنهم علموا تماماً أن كل ما يقع على الكرة الأرضية وخارجها يسير سيراً تدريجياً بانتشار بطيء: فالأسباب الحالية في العرف الجيولوجي هي أسباب دائمية.
من المفجع فعلاً أن نتصور أن الكرة الأرضية وما عليها ستنقلب في يوم من الأيام إلى مأساة عالمية: ومن المحزن حقاً أن نرى تأثيرات القوى الطبيعية التي تعمل اليوم تهدد كوكبنا الأرضي بخراب لا بد منه. أفلا تلوح القارات الأرضية في تضعضع دائم؟ فكيف يمكن إذن أن نتصور خلود هذه الأرض التي عاشت عليها ملايين وملايين من البشر قبل أن نعيش عليها نحن اليوم؟ فإذا ما رأينا عليها تلك التماثيل التاريخية الرائعة والآثار القديمة النائية على هيئة آثار بالية ذلك لا لأن الأرض قد أبت أن تعيرها كتفاً ثابتاً وإنما لأنها قد اضطرت أن تتحمل شتائم الدهر ولاسيما الإنسان!
ورغماً عن أن تقاليدنا تنحدر عن عصور بعيدة، فهي تنبئنا بان مجاري الأنهر التي تسيل عليها اليوم هي هي قبل مئات ومئات من السنين، وارتفاع الجبال هو هو كما كان عليه قبلاً: فإذا ما أغلقت بعض المجاري أو قامت بعض الانقلابات فإن خطورة ذلك ضئيلة لا أهمية لها بالنسبة إلى كتلات الأرض الهائلة ولا تحملنا على التكهن بخراب نهائي للكرة الأرضية.