إننا بحالة وعيٍ شاملٍ، لكنّه وعيٌ نائمٌ أيقظه خطرٌ داهمٌ، فهبّ للدفاع عن نفسه، وقد ثارت فبه قوى الانتقام وحبّ الذّات الكامنة، مستعملاً جميع الوسائل للتّخلّص من عدوٍّ مخيفٍ وخصمٍ عنيدٍ. فوعينا وليد ضغط الاحتلال وقسوته لا يرتكز على تعقّلٍ ورويّةٍ واتّزانٍ ومرونةٍ، إنّما هو وليد الحاجة الملحّة لنيل حقٍّ مغصوبٍ، تحكّمت فيه عاطفة الثورة على الاضطهاد والرّغبة في حفظ كيانٍ مهدّد بالهدم فأصبحنا حيال واقعٍ يطلب منّا حبّ الموت في سبيل الحياة شأن كلّ شعبٍ لا يطيق ذلاًّ ولا يرضى بهوانٍ، فقطعنا، على أشلاء ضحايانا، مرحلةً من أفظع المراحل وأقساها!. .
إنّ كلّ أمّةٍ لا تسير مع واقعها لا تفوز، والفئة الواعية فيها بكلّ ما للوعي الصحيح من معانٍ هي التي تسهر على مصالحها وتدير شؤونها حسب مشيئة الظروف والأحوال، بل حسب إرادة الواقع، مراعية إمكانيّات الأفراد ودرجات استعدادهم لمجابهة الطوارئ النّاشئة، وكان واقعنا بالأمس يطلب منّا توجيه الشّعب توجيهاً سياسيّاً فنشأ عن ذلك التّوجيه العاطفي فوز الأماني باستقلالٍ طليقٍ من كلّ قيدٍ، لكن فوجئنا بواقعٍ آخر مملوءٍ بالمسؤوليّات الجسام والمشاكل الاجتماعية المعقّدة يقتضي أن نعالجها على ضوء الحقائق الراهنة وأن نعدّ لها العدّة لنتّقي شرّ السقوط. وأنّ المدرسة التي كانت مسرحاً لبثّ الدعاوات الوطنيّة ضدّ الاستعمار ومصدراً لقوى الشّعب المتوثّبة نحو التحرر والانطلاق والثائرة على الظلم والإرهاق يجب أن تكون مبعث الإصلاح المنشود وموئل التّوجيه القوميّ الكامل بجميع نواحيه ومراميه.
إنّ المدرسة هي الأساس في نهضات الشّعوب، وعليها تتوقّف مصائر الأمم، ورغم اهتمام الحكومة الوطنيّة بها بقيت مناهج التّربية على حالها م ما فيها من حشوٍ والتواء لا نفرّق بين حاجة القرية وطلب المدينة، ولا تراعي قابليّات أطفال هذه ولا ميول أبناء تلك. ومن هو فارس المعركة الاصطلاحيّة، والمطلوب منه البعث والإنشاء في دورة المسؤوليّة؟ - المعلّم: إنّه مخلوق مثل غيره لكنّه مبعوثٌ لتأدية رسالة عظيمة تختلف عمّا دعي سواء للقيام به من مهام وواجبات. وإن تكن لكلّ مهنة أو حرفةٍ خاصّة لا تستغني خاصّة لا