لاشكّ في أنّ المرأة عنصرٌ أساسيٌّ من أركان نهضة الأمم والشعوب، ركنٌ يجب تعزيزه وتقويته وأنجع وسيلةٍ للنهوض بالمرأة تكوين شخصيّتها وذلك بتثقيفها ثقافةً حقيقيّةً وتوجيهها توجيهاً يلائم البيئة والعصر والأهداف الوطنيّة والقوميّة. وقد يكون المجتمع قاسياً والعادات مستحكمة ووطأة التقاليد محكمة الزّرد على تقدّم الفتاة ولكنّنا نودّ من الأعماق لو عرفت كيف تستعمل السلاح لطعن تلك الأسباب مجتمعةً طعنةً نجلاء. . . هذا السلاح هو الثقافة الحقّة. . . إنّ عدداً كبيراً من فتياتنا اليوم متعلّماتٌ ولكن نم النادر أن نجد فتاةً واصلت بعد ذلك العمل والجدّ كيما تصل إلى كمال حياتها العقلية والروحية والجسدية بأن تطّلع على ما تنتج قرائح عصرها من علومٍ ومعارفٍ. . فهل كوّنت علوم المدرسة شخصيّتها وهل عرفت إذا ما أصبحت زوجةً كيف تكون زوجةً فاضلةً مدبّرةً ملمّةً بمبادئ الصّحة والاقتصاد والتربية، وهل حاولت تفهّم نفسيّة زوجها وتكييف نفسها ما استطاعت لتمزج روحها بروحه وليتكوّن منهما إنسانٌ كاملٌ يهِبُ نفسه للحياة وإذا ما أصبحت أمّاً هل عرفت كيف تنشئُ طفلها وتجعل منه عضواً فعّالاً في المجتمع بأن تجعل منه شخصيّةً لها كيانها ووجودها. . وإذا ما كانت عضواً في إحدى الجمعيّات هل عرفت كيف تسير بخطى ثابتةٍ قدماً إلى الأمام حتى إذا ما اعترضتها الصعاب تغلّبت عليها وحالت دون تسرّب الملل والخمول إلى نفسها. وإذا كانت في اجتماعٍ أو حفلٍ هل فكّرت بأن تتحدّث بما هو أسمى وأجدر من التعرّض لذكر الزّينة والثياب وحوادث الزواج والطلاق وأحياناً التعرّض للسياسة والأخبار. وأخيراً إذا كانت معلّمةً وعهد إليها بتربية الجيل الجديد فهل فكّرت بكبت أنانيّتها وحقدها وهل عرفت كيف تكون مثالاً صالحاً يحتذى، وهل سمت بعواطفها فوجّهتها بحيث احترمت من تربّي ليحترمها، وهل قدّرت المسؤولية الملقاة على عاتقها والرسالة المقدّسة التي يجب عليها أن تؤدّيها لأبناء وطنها فعرفت كيف تغذّي النفوس والأرواح بكلّ ما يلهب الحماس والنّشاط ويبعث على الابتكار والتّجديد والتضحية والمساهمة بصدقٍ وإخلاصٍ أم أنّها نسيت أنّ التعليم معادلةٌ ذات طرفين فراحت تفرض احترامها وتثبت وجودها على أنقاض نفوس النّشء المحطّمة وراحت تستعمل كل ما