للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[السعادة]

للدكتور: عادل العوا

المرأة والرجل، في جميع الأقطار، وفي كافة الأوقات، ينشدان السعادة. والمرأة مثل الرجل، بل وأكثر منه، تأسف لاستحالة تحقق السعادة، حتى في النسيان، وفي الحب. فما هو هذا الآلهة العاصي، الحبيب الرهيب، آلهة السعادة؟ ليسمح لي القارئ الكريم أن أقوم وإياه بنزهة قصيرة في عالم الغرب أولاً.

حمامة وامرأة

ذهبت ذات يوم حمامة جميلة بيضاء، هي روح القدس المباركة، ورمز روح القدس، من منبر الكنيسة الكبرى حيث وضعتها يد الفنان القدير، وطارت خلال الأقواس والهياكل، حتى مرت بين قضبان نافذة قديمة، ووصلت إلى الفضاء الرحب، وحلقت فيه، وسارت في طريق لا تعلم نهايتها، هي طريق السعادة المبتغاة.

وكانت إحدى السيدات، وأسمها (ماري). زوج كاتب العدل في القرية، تسير في ذات الطريق التي لا تعلم نهايتها، وهي طريق السعادة. وكانت (ماري) تحدث نفسها قائلة: لقد مضى على زواجي خمس سنوات طوال، قضيتها مع قريني الضخم، أزرء بالعيش ليل نهار، لقد سئمت عشرته الليل كله، وثلاث مرات في كل نهار، في سائر أوقات الطعام. وكلما حانت ساعة الأكل، تكتل على الكرسي، ولم ينسى في الشارع أمعاءه الواسعة، وفتح جريدته اليومية، المملة، وفرك يديه بانتظار اللذة، لذة البطن والفم، من غير أن يلفظ حرفاً، أو يقول ابتسامة وسلاماً، وفي السرير، كان ينام ويغالي في النوم. لا ينشد إلا أصواتاً نكراء، حتى إذا استيقظ عاد إلى دفاتره وأرقامه، وإن شاء تبديلاً وتجدداً، نظر إلى موظفة البريد، وأبتسم لها بملء دماغه، وبادلها الفكاهة والتعريض، وهي تستدعيه نفسها على قبحه وجسامته انه ضخم، سمين، رهل، ممل، إلا مع موظفة البريد. وقد كرهت البقاء وإياه، ولذلك فأني أغادره وأسلك هذه الطريق التي لا تعرف نهايتها، طريق السعادة

دركي ونائب

وكان يسير خلف السيدة (ماري) في طريق السعادة، رجل من أفراد الدرك، وكان يفكر في نفسه، ويتكلم وحده، وقد سمعته يقول: إن الدركي موظف يجب أن يفرض احترامه على

<<  <  ج: ص:  >  >>