منذ ما يقرب من شهر والاستعدادات في القرية قائمة على قدم وساق لاستقبال عيد الفصح وقد راحت الفتيات تخيط الثياب المزركشة اللازمة بينما انهمك الفتيان بتزيين الجدران والنوافذ وعلى الأخص الصالة المعدة للاحتفال. وحلت ليلة العيد فكان السرور شاملاً ولكن منتصف الليل ما لبث أن تقدم ببطء مؤذناً أن العيد قد انتهى أو بالأحرى انتهى السرور وعادت الحياة كما هي مملة رتيبة واجتمع القوم لإعادة الثياب إلى صناديقها وخيم الصمت الرهيب وفجأة قالت إحدى الفتيات:
- أليس من المؤسف أن أكون منذ برهة فقط ملكة وأنا الآن لا شيء.
وقال آخر:
- وأنا. . لقد كنت ملكاً. . انظروا إلى تاجي البديع إنه الآن فقط يبدو أنه مصنوع من الفولاذ.
وأخيراً قال ثالث:
- أما أنا فلست بآسف على شيء لقد كنت في ثياب خادم، وعلى هذا فأنا لم أخسر شيئاً.
وخيم الوجوم من جديد وراح كل منهم يطلق لخياله العنان ليرى نفسه في ثياب الاحتفال البراقة الملونة ثم يلقي نظرة على ثيابه فيرى أنه كغيره من الناس. وبحركة آلية راحت الفتيات تخفي الثياب في صناديقها التي كانت أشد صلابة وقسوة من الموت وانتهى العمل وفجأة صاح أحدهم:
- وهذا الثوب. . لقد نسيتموه. فأجاب آخر:
- لا تضعوه في الخزانة. . فسأقدمه أنا إلى من يلبسه.
وكان الثوب ثوب (الجنون) فضي اللون مزين بالشريط الأحمر وأما ياقته فكانت حمراء اللون دائرية الشكل تنتهي بمثلثات وفي رأس كل مثلث جرس صغير. وهذه الأجراس تحدث أصواتاً كتلك التي تصدر عن قطيع من الماعز إذا ما تحرك لابس الثوب.
تأمل الجميع الثوب وعلى شفاههم ابتسامة عذبة إلى أن قال أحدهم: