اقترح الفلكي الفرنسي الطيب الذكر كاميل فلاماريون بعد أن هزم الزلزال مدينتي ميسينا وريجو في إيطاليا سنة ١٩٠٨ أن يسعى البشر إلى خرق ثقب في الكرة الأرضية بصورة يقوم عليها بئر عميق واسع يستفيد منه الإنسان في دراساته وعملياته. فماذا يوجد في قشرة الأرض وتحتها؟ فلماذا لا يقوم الإنسان بأعمال مباشرة عوضاً عن النظريات ويرى بأم عينه ويلمس في يديه؟ ثم كتب مقالاً قيماً في هذا الموضوع نقتطف منه ما يلي:
يجهل سكان العالم الأرضي كوكبهم ولا يعرفون عنه إلا الشيء القليل. فقد اكتشفوه من الناحية الجغرافية وطافوا حول ممتلكاته البرية والبحرية. لقد اكتشفوه من الناحية الفلكية وحددوا موضوعه بين عالم الفراغات السماوية وحددوا شكله ووزنه ومدته، لكنهم جهلوا تماماً ما يتعلق بتركيب جسمه وماهيته، وعرضاً تسربوا إليه تسرباً خفيفاً بصورة غير مباشرة وتدخلوا جزئياً في جوفه.
فالعمال الذين يخرقون الجبال ليسمحوا للقطارات بعبور هذه الكتل الأرضية لا يقومون باجتياز تجعدات القشرة الأرضية ولا تنخفض الألغام التي تقام في مناجم الفحم والمعادن مهما كان انخفاضها أكثر من كيلومترين تحت سطح البحر أو أقل. وأكبر فتحة توصل إليها البشر على الكرة الأرضية أقيمت في سنة ١٨٩٣ إلى سنة ١٩٠٢ في مدينة باروشوفيز في سيليزيا العليا وفاقت تلك الفتحة التي أقيمت في شلاديباخ قرب مير سبورغ في ساسونيا البروسية ٢٢٥متر. فكان عمق الأولى ٢٠٠٣ والثانية ١٧٤٨ متر فقط. وكما يرى فإن هذه الأنقاب ليست إلا خدشاً بسيطاً على بشرة كرتنا الأرضية.
ترى هل الكرة الأرضية مائعة أم صلبة؟ لم يمض من الوقت إلا أقله على اعتراف العلماء بوجود كتلة مائعة ملتهبة تحيط بها طبقة نحيفة صلبة. فالحرارة التي يعثر عليها الناقبون في الأنفاق المعدنية ووجود مراكز بركانية وسيل الحمم على سطح الأرض تحملنا على الاعتقاد بأن كل ما يوجد تحت عمق٨٠ أو١٠٠ كيلومتراً هو مائع ومزاب، غير أن الجيولوجيا الحديثة ليست مستعدة على الاعتراف بأن مصير البشر قائم على طبقة نحيفة