تعاني الأمة منذ أمد بعيد أزمة اجتماعية عنيفة وتكتسح البلاد موجةٌ من الاضطراب الفكري، تكرمت على إثرها نخبة من الكتاب وساهم كل منهم بإدلاء رأي له قيمته في معالجة الوضع الاجتماعي، وبسد ثغرة من الثغرات المفتوحة في جسد الأمة. وذلك أملاً بانتشال الجيل من البحران الفكري الذي يعانيه وبإيصاله إلى شاطئ الحقيقة والسلام الذي تنتهي عنده آلام المجتمع. . ولكن علام نسعى إلى إزالة الدخان قبل أن نطفئ النار؟. .
إن في جسد الأمة مرضاً فتاكاً، مرضاً من ذلك النوع الخطر الذي ينتهي بصاحبه إلى هوة العدم، مرضاً لم يخصه أحد بالبحث ولا أدري أكان إهمالاً أم تجاهلاً؟. . .
وبدوري سأتحدث عنه آملة أن أوفق إلى ذلك بعض التوفيق وألا تكون حملة بعضهم علي قوية وشديدة. وسوف لا أجعل من التحدث عن المرأة بيت القصيد في مقالي لأننا لا ننكر قط خطورة الواجب الملقى على عاتقها، وقدسية العمل الذي تقوم به نحو المجتمع فيما إذا قامت بتأدية رسالتها على الوجه الأتم. تلك الرسالة التي تسير بالأمة في طريق السمو وتجعلها تتبوأ مكاناً إلى جانب الأمم المتحضرة. وقد أقر ليبنتز الألماني ذلك بقوله تنتظم حالة المجتمع متى تحسنت فيه تربية الناشئين، وإذا أردت أن تعرف درجة ارتقاء أمة ومستقبل شعبها ووضع حكومتها لاحظ فقط المبادئ التي تغرسها الأم في نفوس الناشئين. فالمرأة إذن قوام العائلة والعائلة ركن الأمة وقوامها. فأي مصير تنتظر أمة يكون قوام بنائها معرضاً للتهديم بمعول الرجل دون قيد ولا شرط؟. . . عفواً أنا لا أخص بقولي القليلين الذين يحترمون قدسية الرباط العائلي ويعرفون أهمية البناء المنزلي وإنما الفئة التي لا يهمها إلا ذاتها وهي تشكل ويا للأسف السواد الأعظم من الناس.
لا شك أن كلامنا يلاحظ هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعنا، وكل منا يقرها بنفسه وإن يتحاشى عن الاعتراف بها علانية. فمنزلنا العربي ذلك الركن الذي يقوم عليه بناء المجتمع، هو نهب لعواصف الرجل ونزعاته. وما أكثر ما تثور تلك العواصف لا لشيء إلا لإشباع رغبة ملحة يغذيها حب ذات قوي وأنانية جارفة وجشعٌ لا حدود له.
يقدم الرجل على عمله ويقوم بالهدم فيطوح بقوام عائلته في بيداء الحياة، لا لذنب فاحش