للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صفحة من تاريخنا]

للدكتور نور الدين حاطوم

إنّ عمر سورية التاريخي يبدأ منذ الألف الأول في تاريخ الإنسانية ففيه بدأت الشعوب تستقرّ واستوطن الفينيقيّون المناطق الساحلية. وانتظم الآراميون في الداخل بشكل دولٍ صغيرةٍ.

وفي عهد الإمبراطوريات كانت سورية مسرحاً للمصريين والكلدانيين والآشوريين والفرس. وفي العام (٣٣٣) قبل الميلاد فتحها الإسكندر المكدوني وانطبعت بطابع الإغريق في عهد ورثته السلفكيين.

وفي القرن الأول قبل الميلاد ورثها الرومان عن اليونان إلا أنّ هؤلاء استرجعوها في آخر القرن الرابع للميلاد على يد البيزنطيين ودامت تحت حكمهم حتى القرن السابع للميلاد.

عرفت سورية خلال هذه العشرة القرون الخصب والرفاه الاقتصادي وساد فيها السلام وقامت فيها أعمال عمرانية كبيرة وتعددت طرق استخدام المياه واتّسع نطاق الزراعة حتى وصلت حدود الصحراء.

وعقب هذا الفتحَ الغربي الفتحُ العربي الإسلامي فرفع سورية إلى أوج العزّ السياسي. وعلى يده توحّدت لأول مرّةٍ آسيا العربية من طوروس إلى اليمن وغدت خلال ثلاثة قرونٍ - أي حتى انحطاط الدولة العبّاسية - مركز السياسة والمدنيّة.

إلا أنّ التفوّق السياسي زال عن العرب فيما بعد ونزلت الشعوب الجبلية من فرسٍ وأكراد وتركٍ من جهة الشرق والشمال الشرقي والشمال وتغلغلت في الجسم العربي واستحوذت على السلطة وأبقت للخلافة اسمها الخيالي. وفي أثر ذلك انفصمت عرى الوحدة السياسية ورجعت كلّ منطقةٍ إلى انفرادها وأصبحت كلّ بلدةٍ مركزاً لمملكة مستقلّةٍ.

وفي القرن الثاني عشر اجتاحت الحروب الصليبية البلاد ولبثت سورية خلال قرنين كاملين تناضل العالم الأوروبّي وأحيطت أكثر المدن بالأسوار ونتأت الحصون والقلاع وتبدّل بالمجمل شكل البناء. وأخيراً تضافرت القرى المسلمة على صدِّ هجوم الفاتحين وتمّ اتّحادها على يد صلاح الدين الأيوبي. غير أنّ الحملة الأخيرة قد كللت بالنّصر على أيدي سلاطين المماليك الذين استطاعوا أن يزيحوا عدوان الغرب ويصدّوا غارات التتر

<<  <  ج: ص:  >  >>