قال لوثر: لولا المعلمون ما رأينا بين ظهرانينا واعظاً ولا فقيهاً ولا كاتباً ولا طبيباً ولا حكيماً، فهؤلاء جميعاً غرس المعلم وثمرة أعماله وجهوده. إن المعلم النشيط الذي يخلص في العمل ويراقب الله في واجبه، ويبذل قوته ويرضي ضميره في مهنة لا تستطاع مكافأته، وكل مال يغدق عليه وإن كثر ضئيل في جانب أياديه علينا ومعروفه فينا. ولكنا - وللأسف ملء قلبي - نغض منهم ونعرض عنهم وننظر إليهم في المجالس شزراً، ثم ندعي أننا من أمة لها مدنية ودين. لو أني أكرهت على مغادرة الوعظ والإرشاد وطلب إلي أن ألتمس عملاً آخر لم أجد عملاً أحب إلى نفسي من تهذيب الأحداث.
إنك يا صاح لن تستطيع أن تجد فوق الأرض فضيلة أسمى من تلك التي تراها في رجل غريب عنك حين يجلس إلى أولادك، فيعالج نفوسهم بأنواع التأديب، ويقومها بصنوف التهذيب، متخذاً من صبره معيناً ومن إخلاصه نصيراً، ذلك عمل قلما يبذله الآباء لأبنائهم وهم أقرب الناس إليهم وأشدهم حباً وعطفاً عليهم.