مما يزيدنا معرفة ويقيناً فيما نريد أن نعلمه في صف تتقد فيه الحياة، وتتأجج بين صفوفه الحيوية الناطقة، هو ذاك الصف الذي يلتهب أواصره في الحركة ويتراص ويتزاحم أفراده في الاستباق إلى الإجابة عن مادة أخذوها أو نظرية درسوها، ليسعد كل منهم في نيل قصب السبق ويتلذذ بما أوجده من الاكتشافات والخفايا المخبوءة بالنسبة إليه، هذا ولا يضيرنا إذا قلنا أن الاستجواب هو الوسيلة الكبرى لتحريك كوامن النفس الجاثية وبعثها على الوجود، وإيجاد ما في خباياها من العبقرية والمواهب، إذ هو الأداة القويمة، والدعامة المثلى في تعليمنا، والمساعد الأكبر، والركن الأساسي للطريقتين التعليميتين:(الطريقة الاستقرائية والطريقة الاكتشافية).
ولا بأس من أن نسرد بعض ما يدعم قولنا ويثبت ضرورة الاستجواب والسؤال في التعليم والتدريس.
١ - الاستجواب يبث في الصف النشاط والحياة، فالتلاميذ المستصرخون لإجابة أسئلة معلمهم يمرحون في دور جديد من حياتهم يفكرون فيتكلمون، وكم هم السعداء الفائزون، عندما يجدون الجواب الصائب فيجيبون، تعليم حي ومفيد كهذا يفتق الأذهان ويتضامن ويستفيد منه الجميع لا شك أنه - دائماً - تعليم غصيب.
٢ - الاستجواب يثبت ويقوي الذاكرة، وينشط على استرجاع الذكرى، في أكثر الأحايين يقف التلاميذ حيارى أمام سؤال يطرح عليهم، فيعودون إلى نبش معلوماتهم، وما تلقنوه وتعلموه، حتى إذا ما عثروا على ضالتهم اندفعوا بنثرها ومناقشتها، وبهذا تتضح أفكارهم ومعلوماتهم المختلفة الغامضة وتصبح نيرة واضحة.
٣ - الاستجواب آلة المعلم الحقيقية، والحجر الأساسي في التعليم، ومعرفة النجاح. لا يستطيع المعلم التحقق من هضم تلاميذه لمعلوماتهم، والتفريق بين درجاتهم إلا بالسؤال والاستجواب. فهما اللذان ينيران له الطريق ويعلمانه ما قد توصل إليه طلابه، وما قد أفادت طريقته التعليمية. فإذا آنس التقدم والاستفادة ازداد نشاطاً وعزيمة، وإذا وجد خللاً واعوجاجاً جدد همته، واتخذ سبيلاً آخر لإتمام عمله الشاق الموكول إليه.