فإذا كان حقا ما يقولون من أن جوف الكرة الأرضية مائع تماما أصبح من المحتمل أن ترتفع هذه الكتلة الهائلة مرتين كل يوم تحت تأثير جاذبية القمر وأن تؤلف مدودا وجذورا هائلة تتحطم القشرة الأرضية الصلبة على أثرها يوميا كلما وقفت في وجه هذا الجذب. فقشرة لا تتجاوز سماكتها ال - ١٠٠ كيلومتر لا يمكنها أن تقاوم اصطداما عنيفاً هائلا من هذا القبيل، وإلا تحطمت أو تمزقت كلما انفجرت فقاعات الحمم المتأججة ولكانت الكرة الأرضية غير قابلة للسكن وحياتنا في غم شديد تنتظر من ساعة لأخرى انهيارها في بعض الشقوق الفجائية التي تتصدع تحت أقدامنا.
تعترف النظريات الجديدة بأن الكرة الأرضية تضارع في مجموعها قساوة الفولاذ وتتمتع في بعض الأحيان بالصلابة والمرونة. وما ذلك إلا نظرية من النظريات ربما تكون حقا أو باطلا ولذلك يجب مراقبتها والتحقق منها. وكل ما نعرفه بدقة هو أن حرارة الكرة الأرضية الباطنية تزداد بازدياد التعمق فيها. ورغما عن هذا نرى أن ازدياد الحرارة عديم الانتظام والتتابع لأن الحرارة بينما تزداد في بعض الأمكنة درجة واحدة كلما ازداد العمق٣٣ متراً تراها تتناقص أو يكثر ازديادها في بعض الأمكنة الأخرى كالمواقع القريبة من البراكين حيث يشعر بهذا الازدياد كلما ازداد الانخفاض من١٠ إلى١٥ مترا.
لنتوقف هنيهة عند الحد ولنسمع ما كتبه عالم فرنسي آخر هو شاعر الحيوانات الصغرى هنري فابر: توجد تحت الأرض درجة حرارة عالية جداً ليست مستقلة عن حرارة الشمس. فإذا فرضنا أن درجة الحرارة ترتفع درجة واحدة كلما زاد الانخفاض٣٠ متراً تحت الأرض يمكننا أن نتصور مبلغ ما يقع في أشد الطبقات الأرضية انخفاضا. فيجب على درجة الحرارة أن تكون على عمق ٣ كيلومتراًت ١٠٠ درجة وهي النقطة التي يغلي بها الماء، وتصل هذه الدرجة إلى ٧٠٠ عندما يبلغ هبوطنا ٢١ كيلومتراً وهي الدرجة الكافية لصهر أكبر عدد ممكن من الأجسام، وعندما يصل انخفاضنا إلى ٤٠ كيلومتراً تكون درجة الحرارة قد وصلت إلى ١٦٠٠ وهي نقطة سيلان البلاتين وهو أصعب المعادن ذوبانا. فإذا ظلت هذه النسبة محافظة على نفسها كانت درجة الحرارة في مركز الكرة الأرضية ٢١٠٠٠ وهي درجة حرارة مخيفة جداً لا يمكن التعبير عنها مطلقاً.