- هذا صحيح فإنها لم تخطر لنا ببال. عليك أنت يا (دوبيري) أن تتولى هذه المهمة لأنك تجيد صناعة الكلام.
وهنا حبذ (دوبيري) أن يرافقه نفر منهم. فكان مجموع من ذهب لتقديم الثوب أربعة فتيان.
كانت لاتيا هذه مجنونة حقيقية ولكنها لم تكن كذلك منذ ولادتها بل أصبحت مجنونة عندما بلغها أن خطيبها قد هجرها وأنه ترك القرية إلى غير رجعة وعندها فقدت عقلها وأخذت تنتظر عودته وهي تردد في كل يوم سيحضر غداً ومرت الأيام وتلتها السنون ولاتيا تنتظر وترقب الطرق المؤدية إلى القرية نهاراً فإذا ما جن الليل أوت إلى فراشها وهي تقول:
- سيعود حتماً. أنا أثق به. . إنه يقوم بجولة صغيرة ليس إلا. . وسيعود. . ولكن السنوات الثلاث تتابعت دون أن يعود وفقدت (لاتيا) والدتها خلالها وبقيت وحيدة في هذا العالم الفسيح. فهي إذن مجنونة هادئة سعيدة على ما يظهر إذ أن الأمل بعودته كان يحدوها للعمل، فحديقتها قبلة أنظار أهل القرية بجمالها وتناسقها وقد اعتادت أن تذهب كل يوم إلى الغابة فتجلب معها الفواكه لتبيعها إلى السوق كما تحمل الأزهار فتصنع منها أكاليل تبيعها للأطفال.
وصل (دوبيري) ورفاقه إلى منزل لاتيا بعد الظهيرة وكانت المسكينة في نافذتها كالعادة ترقب الطرق. ألقى الفتيان عليها التحية فخرجت إليهم من باب المطبخ المؤدي إلى الحديقة. كانت هذه الحديقة على صغرها تضم مختلف الرياحين والأزهار التي لا تخلو منها في فصل من الفصول
وكانت منسقة تنسيقاً بديعاً فالأزهار مصففة بحسب أجناسها أولاً فالبنفسج في جهة والقرنفل في جهة أخرى. . الخ وبحسب ألوانها ثانياً فالأحمر إلى جانب الأصفر وهذا إلى جانب الأبيض. . الخ وهذا ما جعل الحديقة كبساط مصنوع من قطع قماشية مختلفة الألوان قد لصق بعضها في بعض فما من كائن وقعت عينه عليها إلا صاح:
- إنها حديقة بديعة! فترد لاتيا دوماً بالجواب المعهود: