لقد سببت لي هذه المحاورة حزناً وغماً شديدين، وأشاعت في نفسي القلق والاضطراب فجفاني النوم وقضيت ساعات طوالاً ثقالاً كنت أحاول فيها أن أتبين من خلال كلماتها حقيقة العمل الذي شغلت فيه سحابة يومها. أما أوديل فإنه سرعان ما تمحى من ذهنها ذكرى هذه المشاهد بيسر غريب. لقد تركتها في الصباح حزينة النفس، كئيبة، كاسفة البال، وألفيتها في المساء، فرحة، مرحة، منبسطة الأسارير. كنت مصمماً على أن أقول لها: اسمعي يا عزيزتي، إن الأمر بيننا خرج عن طوق الاحتمال وجاوز حد المعقول، فيجب أن نفكر بالانفصال، على أني لست بطالب له ولا براغب فيه، ولكن عليك أن تبذلي القليل من الجهد ليتبدل حالنا ويستقيم أمرنا. ولكن أوديل تلقتني ذلك المساء لقاء جميلاً، فعلى وجهها تترقرق غبطة الفتيات وكان يلف جسمها اللدن الرشيق ثوب جديد أنيق، فطوقتني بذراعيها وحيتني بقبلة قائلة: آه! هل تعلم أن ميزا أخبرتني هاتفياً بأنها حجزت ثلاثة مقاعد في المسرح وكم يحلو لنا أن نشاهد رواية بيت الدمية، فاستسلمت صاغراً لهذا الإغراء والدلال وقد ألحت علي عوامل الحب والضعف.