أوتيت من قوةٍ لتؤيّد أنّ لها حقوقاً ولكن ليس عليها واجبات؟
أعتقد أنّ الجواب سلبيّ عند أكثر سيّداتنا وفتياتنا المتعلّمات إن لم يكن عند جميعهنّ وعلى كلٍّ فالقليل لا يُتّخذ مقياساً. وما ذلك إلا لفقدان الثقة الحقّة فما أكثر المتعلّمات ولكن أين المثقّفات اللائي يجدن خوض معركة الحياة بحزمٍ وثباتٍ ويقضين على مشاكلها بحكمةٍ ورويّةٍ وصبرٍ وأناة. فالمعرفة القليلة المتّصلة بالروح المندمجة بالشّخصيّة هي أعظم فائدةً من معلوماتٍ متعدّدةٍ وفيرةٍ ولكن ليس لها صلةٌ بالقلب والروح. فنحن لا نريد منكِ أيتها الفتاة أن تكوني متعلّمةً فقط بل مثقّفةٌ والثقافة هي جهادٌ يسقى بدم القلب وصراعٌ يستمرّ مدى الحياة.
فالفتاة المثقّفة الواعية هي التي لا تنظر إلى مظاهر الحياة الخدّاعة. وقد تفشّى لسوء الحظّ بين الكبير والصغير التقليد الذي سخر منه الله لدى انصراف الجاهليين عن الاستجابة للدّعوة الإسلاميّة فقال: إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مقتدون. فهذا التقليد الأعمى المقيت هو من أعظم أسباب الجمود والتأخّر بيننا ولكن ليس كلّ تقليدٍ هو تقليدٌ يضائل الشخصية ويقضي عليها فليت شعري لما لا نقلّد الشخصيات العظيمة ونتحلّى بصفاتها الحسنة؟ لمَ لا نقلّد السيّدات النبيلات المحترمات؟ لمَ لا نأخذ من زوجة الرئيس روزفلت مثلاً تلك المرأة التي تقوم بمهام منزلها بنفسها - وهي زوجة أكبر رئيس جمهوريّة في العالم - دون أن تخجل أو تفكّر بأن تفاخر بأنّها لا تحسن شيئاً من الأمور المنزلية كبعض سيّداتنا وفتياتنا المحترمات اللواتي بلغ منهنّ الهذر أن رحن يفاخرن بأنّهنّ لا يرضعن الأطفال وإنّما يعهدن بهم إلى إحدى المرضعات. وأمّا عن تقليد ممثلات هوليود فحدّث ولا حرج، وبديهيٌّ أنّ من كان هذا شأنه لهو أبعد الناس عن اكتساب شخصيّةٍ قويةٍ يفرض بواستطها الحبّ والإعجاب على من يحيطون بها. فلتعلم الفتاة أنّ دواعي الجمال كثيرةٌ وأنّ البهجة هي من أعظم أسباب الجمال. فاكسبي جمال الجسم بالنشاط والرياضة واكسبي جمال الروح بالثقافة والتهذيب. فالفتاة المثقفة هي التي لا تحصر اهتمامها بالمظاهر والملابس والأزياء وما إليها لعلمها أنّ هذه الأشياء ليست وحدها هي التي ترفع من قيمتها بين الناس وإنما تساهم في ذلك إلى حدٍّ ما وإنّ هناك ما هو أعظم وأجلُّ من كلّ ذلك، هناك الأخلاق الفاضلة والنفس الطاهرة الوثّابة إلى كلّ عملٍ مجيدٍ.