للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- لأن يكون نابغة ينفع المجتمع ويبذل راحته في سبيل خدمته رجلاُ ناقما على المجتمع حاقدا عليه تكمن في نفسه عواطف الحقد والبغض. نعم إن الولد نفسه قادر على أن يكون هذا أو ذاك والحكم الفاصل للموضوع يكون في كثير من الأحيان سلوك المربي - بوجه عام سواء أكان أباً أو أماً أو معلماً.

٤) لست أريد في هذا الكلمة أن أبحث عن مدى تحقيق مدارسنا سواء منها الابتدائية أو الثانوية لهذه النواحي المتقدمة ولا عن مبلغ التقصير فيها وأسبابه وعلاجه وإن كانت كل واحدة من النواحي التي ذكرتها في حاجة إلى مثل هذا البحث. ولكنني أريد أن أتعرض لناحية أخرى مهملة كل الإهمال ولموهبة من المواهب المغفلة المتروكة دون أن تنمى مطلقا ولجانب هو أسمى جوانب النشاط الإنساني إلى جانب النشاط الجسمي والعقلي والخلقي وبذلك يكون في تربيتنا ثلمة كبيرة وفعالية معطلة نعمل على إعدامها بدلا من تنميتها وتوجيهها وهي بالنسبة للفعاليات الأخرى كالنسغ للنبات والأثير للمادة والكهرباء للآلات المتحركة وهذه الفعالية هي الفعالية الروحية.

يقول (ألكسيس كارل) في كتابه الذي كان له في عالم الفكر الحديث صدى كبير الرجل ذلك المجهول إن المدينة الحاضرة أهملت في نظمها هذه الناحية الهامة من نواحي النشاط الإنساني وقد عقد في كتابه فصلا جليل القيمة عالج فيه هذه الناحية بعد أن عالج في الكتاب نفسه نواحي النشاط الفيزيولوجي والفكري والبديعي والخلقي مبينا خطورة هذه المرحلة وآثارها ونتائجها.

ولئن كانت المدينة الحاضرة في العالم الحديث ناقصة كل النقص من هذه الناحية ومقصرة في ذلك تقصيراً له أثره في فساد الوجهة التي تتجه إليها وفساد التكوين الذي تبنى عليه فإننا نحن بوجه خاص أشد تقصيراً ونقصاً حتى ليبدو بنائنا التربوي مثلوماً متداعياً متهدما من ناحية يبني على صلاحها صلاح بقية الجوانب والآفاق وعلى فسادها وضعفها ضعف البناء كله.

أليس من الممكن أن نشعر الطالب بجمال الطبيعة والكون فننمي في نفسه الشعور بالجمال ثم ننتقل به إلى الشعر بمصدر الجمال وخالقه والإعجاب بمخلوقاته ومن النظر في منافع الطبيعة والكون إلى مصدر النفع ومبدعه ومن النظر في الأخلاق الاجتماعية إلى مصدر

<<  <  ج: ص:  >  >>