وما يكون حالة مجتمع قضى قروناً أربعة في ليل برم؟! ولما غمرته موجة النور كانت نواظره قد الفت الظلمات فغدا يفتح الجفن على خوف وحذر ثم يغلقه وينعم بالظلام المألوف!
أربعة قرون ظالمة مظلمة تمخضت فولدت أبناء هذا الجيل. . . وحسبي أن أقص عليك سيرة واحدة منهم لتعرف قصتهم جميعاً. فهم سواسية كأسنان المشط، خلقهم الله من فصيلة واحدة على نموذج موحد، أن لم يتشابهوا في الخلقة وبنية الجسم فهم متشابهون في الخلق وبنية العقل، وأن تفاوتوا في السن فأعمارهم العقلية متقاربة على كل حال.
أنا أزعم أن مجتمعنا يتميز_أكثر مما يتميز_بالنزعة التجارية. .
فنحن مضرب المثل في معرفة مأتي الربح والغنيمة مما كان السبيل إليها. .
ولو وقف الأمر هنا لهان الخطب، ولكن غريزتنا التجارية النامية تسيطر على ألبابنا ومشاعرنا فأصبحت لنا أخلاق تجارية عريقة وعقلية تجارية مهنية.
أنا أزعم أن إنسان هذا الجيل تاجر مراب في كل شيء. . . في حبه وبغضه، ووده، وكرهه، وتدينه، وإلحاده، وحزبيته، وحياده وعلمه_وكدت أقول وجهله أيضاً. . . فالمدرسة والبيت والوظيفة والحانوت والحياة كلها. . عند الإنسان هذا الجيل، تجارة ترتكز إلى أساس صلد مكين من الأثرة وحب الذات. وصاحبنا_إنسان هذا الجيل_مولع بالغزو والسطو فأن لم يستطع بيده فبقلبه ولسانه، ونحمد الله على أن القوانين الوضيعة قد حدث الغزو باليد وبقي الغزو باللسان والقلب.
هذا الكائن الحي لا تستسيغ نفسه فضيلة التعاون. . وهو حسود كنود سباب عياب مغتاب شتام هدام. . وما شئت أن تضيف إلى ذلك. . .
وكان إلى عهد قريب يعيش مع ذويه ضمن إطار الأسرة فكان له من فضائل التعاون الاجتماعي نصيب العصبية القبلية على الأقل. . . فلما أخذ بالمدينة الحديثة وتحلل من قيود الأسرة أضاف إلى الأسرة التجارية الموروئة ميزة الانفرادي، فكان يقولنحنويريد أسرته وذويه فأصبح ألان لا يعرف إلاأنا. . .
هذا الكائن الحي يسألك بلهفة أين كنت؟ وماذا أكلت؟ إلى أين أنت ذاهب؟ وكيف حالك؟ فلا