عندما رأت التعليم الابتدائي إن من واجبها تكريم الأستاذ رمزي الركابي بمناسبة تعيينه مفتشاً، شعرت في الوقت نفسه، إنها فطنت متأخرة، على هذا الواجب، وان هذه الحفلة التكريمية، كان يجب أن نقام منذ زمن بعيد. لأنكم في الواقع لا تكرمون المفتش رمزي الركابي، بل تكرمون المربي المخلص والمعلم النابه، المتمكن من مهنته نظرياً وعملياً. فلذا نشعر وتشعرون بأننا مقصرون في حقه وفي كل معلم مجد مخلص. إلى الآن اعتدنا أن نقيم حفلات التأمين ولكن يجب أيضاً أن نعمل على إقامة حفلات التكريم، اعترافاً بفضل العاملين وتقديراَ للنابهين، وتكريم المجدين المخلصين، عادة يجب أن نؤمن بها وان تعم في مجتمعنا. وهي دليل على تراص الأمة وغروب الأنانية وانتشار الغيرية. وبرهان صادق على حب الوطن، فما حب الوطن بالأمر الغامض المبهم، بل من دلائله، تمجيد الأفراد الذين يخدمونه بصمت ورغبة وتفان. . .
لقد أخذت وزارة المعارف أخيراً برأي الأستاذ الحصري. فعينت مفتشاً من أسرة التعليم الابتدائي. كان من المستحسن أن تجنح إلى ذلك قبل أمد غير قصير لا سيما وقد سبق لها أن لمست نجاح الفكرة عندما عينت منذ أربع سنين، الأستاذ عبد الغني الباجقني مفتشاً. وتنفيذ هذه الفكرة، كانت ولا تزال أمنية قديمة للمعلمين طالما سعت هيئاتهم إلى تحقيقها. فقد جاء في مقررات مؤتمر حماه ما يلي: لا يخفى ما للتفتيش من أثر بليغ في نهضة المدارس وحسن سيرها. فأساليب التفتيش القويمة تزيد في تقدمها وانتظامها. لذلك يقترح المؤتمر: انتقاء المفتشين من ملاك التعليم الابتدائي، ممن مضى على وجودهم في الخدمة مدة لا تقل عن عشر سنين، فرجال التعليم الابتدائي مارسوا فن التربية وطرق التدريس عملياً، فإذا حضروا درساً أدركوا حالاً نواحي الضعف فيه وتمكنوا من إرشاد المعلم. وفي تشرين الأول من هذه السنة، قدمت هيئة التعليم الابتدائي إلى وزارة المعارف، عريضة تطلب فيها تعيين مفتشين من ملاك التعليم الابتدائي. . . ولقد أحسنت الوزارة حسنتين في تعيينها الأستاذ رمزي الركابي مفتشاً: أولا حسنة الفكرة، إذ فتحت أمام المعلمين أفقاً واسعاً وأملاً رحباً، قد يوصلون إليه أو لا يصلون، ولكنه، على كل حال، أمل حلو يثير طموحهم المتبدد في سبيل مستقبل طلابهم، وإذ شئت فقل: طموحها المنحور بآهات التدريس. أما الحسنة الثانية، فهي حسنة الاختيار فالأستاذ الركابي بأخلاقه العالية، سيكون مرشداً وموجهاً