المنطقي السجستاني، ويتقدم على كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي مختصرة للزوزني، مما يظهر اتصال حلقات الفكر العربي بين أجيال أمة واحدة،
وقد ترجم البيهقي في كتابه للشرقيين من حكماء الإسلام ـ أو بعضهم على الأقل ـ كما ترجم لغيرها من حكماء الصابئة والمجوس و. . . ممن نشأوا في ديار الإسلام وكتبوا تآليفهم بلغته. ويمكننا اعتبار هذا السفر خلاً جديداً قديماً، ولكنه خل أليف، ورفيق دائم، لطلاب الحكمة الإسلامية والتاريخ.
وقد نوّه استأذنا العلامة عن أثر هذا الكتاب في الدلالة ـ دونما احتياج ـ على أن اللغة العربية كانت في فارس كما هي في كل بلد دخله الإسلام لغة الدين والعلم والدولة، وانتهى إلى تذكر ما قاله أستاذه السيد محمد المبارك: إن تصحيح الكتب القديمة أولى من الاشتغال بتأليف كتب جديدة.
ونحن إذ نرحب بالإنتاج المفيد نشكر للأستاذ المحقق جهده وصبره وإخلاصه وعنايته في إحياء تراثنا العربي الممتاز، ونأمل أن يأتي اليوم القريب الجميل فيصبح تأليف الكتب الجديدة غاية أولى نتقدم بها في مضمار الرقي العالمي، من غير اقتصار ـ موقوت ـ على تصحيح القديم، ولكن بفضل الاستناد إليه، والاعتماد عليه.
المستجاد من فعلات الأجواد
لأبي علي المحسن بن علي التنوخي.
عني بنشره وتحقيقه: العلامة الأستاذ محمد كرد علي.
(مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق)
وقع أستاذنا الكبير العلامة كرد علي في الثاني من شهر شعبان ١٣٦٥ تعريفه بهذا الكتاب وقد عني بنشره وتحقيقه، وليس هذا السفر القيم أول مطبوعات المجمع العلمي العربي ولكنه من أكثرها نفعاً وابلغها طرافة، وقد عرض مؤلفة وهو من رجال القرن الرابع الهجري صور الكرماء كما عرض الجاحظ قبله صور البخلاء، فكانا، في تقابلهما الأدبي، كفرسي رهان، وكفى بذلك إلى ما يحمل المستجاد من وعود مغرية، يعبق أريجها بالرياض والأزاهير، وقد جعلها الأستاذ المحقق قرة النفس في المنظوم والمنثور، طريبة من اليد والعين والفؤاد.