هذه المجلة تحترم الفكر والثقافة، وتقدس ما تحترم. وهي تحب المعلم وتحترمه وتناصره، فتدفع عنه الظلم والجور والعدوان. وهي لسان المثقفين عامة، والمساهمين في حقل التربية والتعليم خاصة. تقول كلمة الحق بوضوح وتعمل في سبيل تحقيقه بثبات وجرأة وإخلاص. وهي أخيراً مجلة الرقي لأنها وجدت كميا تحيى بالمعرفة، وتشيد الغد وتنشئ الجيل والقوم!
أهدافنا تظهر في الإنتاج، لا في النظر والادعاء. ولعل أية ذلك مثال أسرة تعليم ذاتها. فأفرادها مطلقة نصبوا أمام أعينهم خدمة المجتمع عن طريق المدرسة. ورأوا الابتعاد عن جعجعة الفراغ. وأقسموا أمام التاريخ جهد إيمانهم صبراً ويقيناً. حتى يتفوق التلميذ على معلمه والطالب على أستاذه. وتتقدم الأمة والوطن. فترقى بتقدمها الإنسانية كلها.
ولسنا نود الغلو والإفراط في التمني، ولا نرغب في المبالغة في رسم المناهج، وتنمية المشاريع. لأننا لن نجعل هدفنا الأوحد التحليق في السماء المثل النظرية، ولا الإبحار في عالم القيم المجردة، البديعة، الزاهية الفاتنة نريد التقرب من الواقع النير، نعرفه كما هو من جهة، ونعرفه كما يجب أن يكون من جهة أخرى. دون مزج غامض بين الناحيتين. وسنجعل هذا النظرة التحليلية انتقاديه أيضاً. هدفنا يقين الإنساني ولذا لا تخشى التبصر، ولا التجنب النقد والانتقاد. بل نسعى السعي الحثيث إلى ذكر سيئات الواقع، وأن قبحت، لتلافيها. ونحاول تبيان الهدف الأمثل وأن ندى من شدة جماله ما يبهر الأبصار ويتركها حصيرة تخال فيه المستحيل، أو البعيد الإمكان.
وإلى جانب هذه الروح التحليلية الانتقادين، ترمي مجلتنا إلى البناء الايجابي، والإنشاء المنتج، وتود أن تسير خطاها بانتظام جلي، ولذلك فأنها تجهر بخطتها منذ الآن. وترى أن ترتكز جهود المساهمين فيها حول حاجات البيئة العربية في مختلف أقطارها، على أن تكون سوريا الحبيبة نقطة الاتساع الجغرافي، ولولب الاتصال بين بلدان الأمة العربية الكبرى حتى إذا نمت الأمواج التي تحملها هذه المجلة، اقترنت بما تلقاه من إصدار مماثل في الأقطار العربية الأخرى، وكان أن تداخلت أمواج الفكر التربوي والاجتماعي في البلاد العربية قاطبة، وتماسكت، واتسعت. وبذا يتسق جهد الأمة العربية في الوجود والإبداع، وينسجم اشتراكها في التطور العالمي أجمع وإننا سنأخذ الحكمة أين وجدناها، فهي ضالتنا